كان البروفسير عبد الله الطيب - رحمه الله - محبا لزيه القومي السوداني
صورة للبروفسير عبد الله الطيب - رحمه الله - بالزي الإفرنجي
الصورة تمثل لقطة نادرة جدا أخذت للبروفسير عبد الله الطيب -
رحمه الله - علامة اللغة العربية السوداني وهو في فناء كلية الآداب
والعلوم الإنسانية في مدينة فاس المغربية أوائل الثمانينات وقد التف حوله
محبيه ومريديه من الطلاب المغاربة في مشهد حميمي نادر جدا
كانت أيام البروفسير عبد الله الطيب - رحمه الله - في مدينة فاس المغربية من أزهى وأنضر أيامه كما ذكر، حيث انتدب للعمل فيها أستاذا للغة العربية والأدب العربي في كلية الآداب في جامعتها، وله العديد من الذكريات الرائعة فيها.
ويروى أن الملك الحسن الثاني ملك المغرب نفسه كان يحب البروفسير عبد الله الطيب حبا كثيرا ويحضر له بعض المحاضرات، وكان دائما ما يدعوه إلى قصره ومائدته خاصة في شهر رمضان المعظم... وفي إحدى المرات بعد نهاية إحدى المحاضرات فوجئ بسيارة في انتظاره عند باب الكلية وقد فتح له باب السيارة ليركب وقد كان الملك نفسه في انتظاره فلهما الرحمة والغفران...
الملك الحسن الثاني - رحمه الله - كان من أشد المعجبين بالبروفسير السوداني الراحل عبد الله الطيب
وفي إحدى مناقشات رسالة ماجستير عن علم العروض قدم البروفسير محاضرة منفصلة عن الخليل بن أحمد الفراهيدي والشعر العربي وكان عميد كلية الآداب في ذلك الوقت الدكتور عباس الجراري مندهشا قمة الإندهاش من هذه المحاضرة ومعجبا بروعتها ودقة علمها...
وقد كان رحمه الله لا يغيب عن جلسات مناقشة معظم رسائل الماجستير والدكتوراة المقدمة في تلك الكلية إما رئيسا للجنة أو مشاركا في النقاش أو مشرفا على الرسالة، وفي كل الأحوال فقد كان النجم الأوحد على الرغم من وجود أساتذة فطاحلة في تلك الكلية، وكانت الجلسات عبارة عن ندوات يتجلى ويتدفق فيها بعلمه الغزير على الحضور الذي تضيق به المدرجات على اتساعها، ولم يكن الحضور يقتصر على طلاب الآداب أو المهتمين بالأدب العربي فقط بل كان يشمل طلاب الكليات الأخرى وحتى من خارج الجامعة...
وقد تحدث في مرة من المرات في محاضرة عامة بإحدى المنتديات بمدينة فاس المغربية وتحدث لأهل فاس عن تاريخ فاس فأدهش أهل فاس كثيرا...
ومن المعروف أن الإنسان المغربي يكن الكثير من الحب للشعب السوداني لأن الشعب المغربي شعب جميل يقبل ويحترم الآخرين فروح التصوف المتغلغة في المجتمع المغربي منذ القدم جعلت منه شعبا سمحا ومتسامحا عكس شعوب أخرى كثيرة في شمال أفريقيا والوطن العربي، والشعب السوداني يحمل أيضا روح التصوف في طبعه لذلك كانت هذه المحبة...
قام سيف الدين عيسى مختار تلميذ البروفسير عبد الله الطيب النجيب وخريج كلية الآداب بجامعة فاس عام 1983م بجمع كل محاضرات البروفسير بكلية الآداب في فاس وهي معدة للطباعة الآن في مخطوطة جاهزة... وتحتوي هذه المخطوطة أيضا على كل مقالات البروفسير في مجلة المناهل التي تصدرها وزارة الثقافة المغربية...
وحقيقة فقد قام المغربي عبد الخالق حموتي وهو من تلاميذ البروفسير عبد الله الطيب - وما أكثرهم في المغرب - بنقل حوالي 12 محاضرة ألقاها البروفسير في كلية الآداب وكان عبد الخالق يكتب المحاضرة أو يدونها في كراسه لكي يقوم بمذاكرتها من بعد استعدادا للإمتحان...
ومن الأشياء الطريفة التي حكيت عن البروفسير عبد الله الطيب في المغرب أنه اختير أول حضوره لكلية الآداب في فاس لكي يدرس الأدب الجاهلي لطلاب السنة الأولى في مادة الأدب الجاهلي وكان يكرر لهم صدر البيت الشعري ويطلب منهم إكمال عجزه، مما جعل الطلاب يخرجون في مظاهرة مطالبين بنقل البروفسير عبد الله الطيب لأنه يعطيهم دروس فوق طاقتهم الفكرية والأدبية مما جعل إدارة الكلية الاداب تقوم بنقله لكي يدرس طلاب السنة الرابعة بدلا من السنة الأولى وذلك لغزارة علمه، ولكي يستفاد من هذا البحر الزاخر في قسم الدراسات العليا...
ومن المعروف أنه قام بتدوين خلاصة أفكاره في سفره القيم المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها من تسعة أجزاء والذي قدم له عميد الأدب العربي الدكتور المصري طه حسين بنفسه، ولا تخرج جل آرائه ورؤاه في مجال الأدب عموما والشعر على وجه الخصوص عن دائرة هذا الكتاب، الذي يعد كتابا علميا وأكاديميا لا يمكن الإستغناء عنه للدارسين والمهتمين في هذ المجال...
وهذا ما يقودنا للتساؤل المشروع: هل يتوجب علينا الإحتفاء بمادة المحاضرات التي ألقاها البروفسير عبد الله الطيب على طلبة البكالريوس في فاس، خصوصا وأن أحد الطلبة هو من قام بتسجيلها بغرض الإستذكار...؟!
يرى البعض أن الأمر لا يستحق كل هذا الإهتمام والإحتفاء، وبالطبع ليس من ناحية القيمة العلمية أو بالنظر لشخصية المحاضر فدون شك كل هذه الأشياء تستحق توثيقا مكتوبا ومرئيا ومسموعا، ولكن بالنظر لمن تكفل بإنجاز هذا العمل وهو أحد طلبة البكالريوس، ولو لم يخلف البروفسير عبدالله الطيب أعمالا مكتوبة كثيرة رفد بها المكتبة العربية لوجدنا أهمية كبيرة لجهد هذا الطالب الذي كان يدون أثناء المحاضرة، وهذا عمل يقوم به ملايين الطلاب يوميا على مستوى العالم ولا جديد فيه ولا أهمية علمية له تستجق كل هذا الإحتفاء زيادة على أن التأليف يلتزم فيه المؤلف جانب المنهجية والعلمية أكثر من المحاضرة...
وتكمن المفاجأة في أن مصدر هذه المحاضرات مجموعة من الطلبة كتبوها بغرض الإستذكار فمهما كانت نجابتهم فلن يستطيعوا إيصال المعلومات والآراء التي ألقاها البروفسير مثلما يخطها هو بيده في مؤلف يقرؤه الناس، ومع ذلك وكما يعلم العارفون فإن متعة التلقي من البروفسير عبدالله الطيب تكمن في الإستماع إليه أكثر من القراءة له...
في حين يرى البعض الآخر أن هذه المحاضرات مهمة جدا، ولولا ذلك لما احتفى بها معهد البروفسير عبد الله الطيب للغة العربية التابع لجامعة الخرطوم أيما احتفاء وقام بنسخها، وقد قدمها سيف الدين عيسى بجامعة الخرطوم في قاعة الشارقة الذي حضر خصيصا من مدينة جدة السعودية لإلقائها، ولو كانت لا تحمل أي قيمة لما تم الإحتفاء بها ووضعها من ضمن مخطوطات مؤسسة علمية مرموقة مثل جامعة الخرطوم ومعهد متخصص في اللغة العربية هو الوحيد من نوعه في السودان...
الدكتور صديق عمر الصديق نائب مدير معهد البروفسير عبد الله الطيب للغة العربية التابع لجامعة الخرطوم وهو أحد تلامذته النجباء
البروفسير عبد الله الطيب - رحمه الله - وزوجته الإنجليزية جريزيلدا أيام الشباب
الإنجليزية جريزيلدا زوجة البروفسير عبد الله الطيب - رحمه الله - أسمت نفسها جوهرة الطيب بعد اعتناقها للدين الإسلامي
كم نحن فخورون كسودانيين بهذا العالم السوداني الذي كرمته كل الأقطار واحتفلت به ما عدا قطره الأم، وقد أكد البروفسير عبد الله الطيب وحرمه الإنجليزية جريزيلدا أو جوهرة الطيب بعد إسلامها في كثير من مقابلاتهما التلفزيونية والإذاعية والصحفية بأن علمه ومكانته كانت تعامل بتقدير أكبر في نيجيريا والمغرب العربي وغيرهما من البلدان أكثر من السودان نفسه...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق