صورة الكاتب والشاعر العماني علي بن سهيل حاردان -رحمه الله-
نص القصيدة:
أراقب النجم والليل الطويل مضى
سمراء عيناك أسباب الهوى وكفى
كفى بعينيك يا سمراء أنهما
يفضي إلى الجدر التي كانت ممنعة
النجمتان اللتان أضاءت ليلنا كشفت
تبث في الخد نورا لا شبيه له
سمراء أدري هواك كان مشكلتي
وكان خارطتي طرا وأشرعتي
وكان بأسي ذا المزروع في جسدي
حتى توحدت بالنيلين مثلهما
أنا ونيلاك، والعشاق ما تعبوا
يجتاحنا الشّوق حتى تستحيل لنا
فما اختلفنا وإلا كنت وجهتنا
فأنت أنت هوى نزهو بجذوته
نرقى إذا الألم الوهّاب أوقدها
كوني الحياة وكوني كلّ سابحة
كوني كما أنت يا سمراء أنّ لك
زيدي احتراقاتنا احتلي الصّبا أبدا
نزداد كبرا إذا أشرقت سافرة
طالي السّماء بنا في كل مئذنة
القصيدة كنز زاخر من الكلمات الشاعرية العذبة والساحرة، والمصاغة في إطار من الأوزان الحديثة والمموسقة والآسرة... ولعل ما يهزنا ويطربنا نحن السودانيين بشكل خاص هذا الوفاء والحب العظيم لعاصمة بلادنا العزيزة الخرطوم، والذي نلمسه في كل حرف من حروفه الصادقة.
فهو شاعر أسرى به الشوق إلى الخرطوم حتى استأنس بالأرق..
شاعر كانت الخرطوم أسره ومنطلقه وخارطته وأشرعته حينما ينشد النجاة من التيه والذوبان والغرق.
شاعر بلغ به العشق للخرطوم بأن شارك نيليها الأزرق والأبيض في غسل أقدامها الطاهرة بالعرق.. يا لروعة هذه الصورة.. النيلان يغسلان أقدام الخرطوم .. والشاعر يشاركهما في طقس الوفاء هذا!
شاعر يعز الخرطوم ويقدر مكانتها حق قدرها، ويثمن دورها الوطني والقومي عندما يوصفها بأنها وجهة الجميع عندما يختلفون، وملتقى طرقهم حينما يفترقون.. ولعله هنا يشير إلى الخرطوم عاصمة الصمود التي احتضنت مؤتمر القمة العربي الذي عرف بمؤتمر اللاءات الثلاث بعد نكسة حرب 1967م.
هذا الإنسان النقي النبيل علي بن سهيل حاردان رمز شامخ في الساحة الثقافية العمانية العامرة، حيث ظل ساطعاً ومتألقاً في سماء الصحافة والأدب على مدى العقدين الماضيين.
عمل صحافيا في جريدة (عمان)؛ وكان من كتابها البارزين..
أثرى الحياة الثقافية بمئات المقالات في الأدب والسياسة والذكريات والخواطر.
وتعكس كتاباته دائما إحساسه العالي بهموم الوطن العربي وقضاياه المصيرية.
أصدر ديوان شعره الأول (الإبحار إلى ضلكوت) في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. و(ضلكوت) هي مدينته الساحرة التي أحبها وعشق أرضها وترابها، وظل مقيما بها ولا يبرحها إلا لفترات قصيرة، وقد كتب عنها شعرا رقيقا.
وكديدنه المعهود فهو يمزج في قصائده بين حب مدينته (والمدن الأخرى، مثل الخرطوم، التي أحبها) وبين حب الوطن الكبير.
توفي بنوبة قلبية في يونيو 2008م.
أسرى بي الشوق واستأنست بالأرقِ
أراقب النجم حتى ذاب في الغسقِ
أراقب النجم والليل الطويل مضى
بكل ما فيه من بوح ومن قلق
سمراء عيناك أسباب الهوى وكفى
بسحر عينيك إجهاز على الحذق
كفى بعينيك يا سمراء أنهما
في المستحيلات درب غير منغلق
يفضي إلى الجدر التي كانت ممنعة
من قبل لا بعد يا فتانة الحدق
النجمتان اللتان أضاءت ليلنا كشفت
سر النهارات في إغماءة الشفق
تبث في الخد نورا لا شبيه له
سوى احتقان السنا في زرقة الأفق
سمراء أدري هواك كان مشكلتي
وكان أسري ولكن كان منطلقي
وكان خارطتي طرا وأشرعتي
منجى من التيه والذوبان والغرق
وكان بأسي ذا المزروع في جسدي
حقلا من الصبر بل نهرا من الدفق
حتى توحدت بالنيلين مثلهما
غسلت أقدامك الطهراء بالعرق
أنا ونيلاك، والعشاق ما تعبوا
سعيا إلى الوصل، خضنا كل مفترق
يجتاحنا الشّوق حتى تستحيل لنا
كلّ الصّعوبات ضربا من ندى عبق
فما اختلفنا وإلا كنت وجهتنا
إذا افترقنا فأنت ملتقى الطرق
فأنت أنت هوى نزهو بجذوته
في الخافقين وحتى آخر الرّمق
نرقى إذا الألم الوهّاب أوقدها
نارا على ثغرك البسام فأتلقي
كوني الحياة وكوني كلّ سابحة
في الرّوح في الدّم في الوجدان والخفق
كوني كما أنت يا سمراء أنّ لك
عمرا نغذيّه بالأعمار فانطلقي
زيدي احتراقاتنا احتلي الصّبا أبدا
زيدي احتراقاتنا نزداَد في الألق
نزداد كبرا إذا أشرقت سافرة
زهوا بقاماتنا هزءا بمرتزق
طالي السّماء بنا في كل مئذنة
في كل أغنية في كل معتنق
عن القصيدة والشاعر
تقديم: عبد المنعم خليفة خوجلي
عن القصيدة:
عن القصيدة:
(سمراء
- قصيدة في عشق الخرطوم) هو عنوان القصيدة التي شارك بها الشاعر والأديب
العماني الراحل علي بن سهيل حاردان في مهرجان عيد استقلال السودان الرابع
والأربعين، والذي أقيم بالنادي الاجتماعي للجالية السودانية بمسقط - سلطنة
عمان في السادس والعشرين من يناير 2000م. وكان قد شارك في ذلك المهرجان،
إلى جانب الشعراء السودانيين بعض الشعراء العمانيين الذين قدموا قصائد
تفيض حباً أصيلاً ووفاء نادراً للسودان وللسودانيين.
عند تقديمه
لقصيدته في عشق الخرطوم بدأ الشاعر علي حاردان بالقول: "أرجو أن أستميحكم
عذرا أيها الأصدقاء بأن أكتفي بهذه القصيدة ولا أزيد عليها.. وذلك حتى لا
أثير غيرة الخرطوم!".. يا له من شاعر مبدع وحساس!
القصيدة كنز زاخر من الكلمات الشاعرية العذبة والساحرة، والمصاغة في إطار من الأوزان الحديثة والمموسقة والآسرة... ولعل ما يهزنا ويطربنا نحن السودانيين بشكل خاص هذا الوفاء والحب العظيم لعاصمة بلادنا العزيزة الخرطوم، والذي نلمسه في كل حرف من حروفه الصادقة.
فهو شاعر أسرى به الشوق إلى الخرطوم حتى استأنس بالأرق..
شاعر كانت الخرطوم أسره ومنطلقه وخارطته وأشرعته حينما ينشد النجاة من التيه والذوبان والغرق.
شاعر بلغ به العشق للخرطوم بأن شارك نيليها الأزرق والأبيض في غسل أقدامها الطاهرة بالعرق.. يا لروعة هذه الصورة.. النيلان يغسلان أقدام الخرطوم .. والشاعر يشاركهما في طقس الوفاء هذا!
شاعر يعز الخرطوم ويقدر مكانتها حق قدرها، ويثمن دورها الوطني والقومي عندما يوصفها بأنها وجهة الجميع عندما يختلفون، وملتقى طرقهم حينما يفترقون.. ولعله هنا يشير إلى الخرطوم عاصمة الصمود التي احتضنت مؤتمر القمة العربي الذي عرف بمؤتمر اللاءات الثلاث بعد نكسة حرب 1967م.
عن الشاعر:
هذا الإنسان النقي النبيل علي بن سهيل حاردان رمز شامخ في الساحة الثقافية العمانية العامرة، حيث ظل ساطعاً ومتألقاً في سماء الصحافة والأدب على مدى العقدين الماضيين.
عمل صحافيا في جريدة (عمان)؛ وكان من كتابها البارزين..
أثرى الحياة الثقافية بمئات المقالات في الأدب والسياسة والذكريات والخواطر.
وتعكس كتاباته دائما إحساسه العالي بهموم الوطن العربي وقضاياه المصيرية.
أصدر ديوان شعره الأول (الإبحار إلى ضلكوت) في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. و(ضلكوت) هي مدينته الساحرة التي أحبها وعشق أرضها وترابها، وظل مقيما بها ولا يبرحها إلا لفترات قصيرة، وقد كتب عنها شعرا رقيقا.
وكديدنه المعهود فهو يمزج في قصائده بين حب مدينته (والمدن الأخرى، مثل الخرطوم، التي أحبها) وبين حب الوطن الكبير.
توفي بنوبة قلبية في يونيو 2008م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق