بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب
بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

قصيدة ذكراك للأديب السوداني المطبوع محمد أحمد محجوب

ذكراك يبعثها السماء الباكي
يااية الإبداع في دنياك
مرت بنا الأيام وهي فتية
ذكرى أمجدها عن الإشراك
كنا صغارا يستفز قلوبنا 
حسن الطبيعة والنسيم الحاكي
ونواضر الأزهار في تلك الربى 
وخرير جدولها الأسيف الشاكي
وترنم القمري في أفنانه
وثغاة شاة أو صغير باكي
ونرى الجمال تعددت ألوانه 
وتوحدت في طرفك الفتاك
ونراك في طهر الملاك وحسنه
وبساطة الطفل الغرير حلاك
تمشين لا تدرين صبا هائما
يصبو إليك ولا ينال لقاك 
ويمضه الشوق المبرح والجوى
ويظل يرصد في الزمان سناك
وينادم الأفلام وهي بعيدة
ويغازل الارام في مغناك 
ويبث في ليل الخريف همومه.
ويود طول العمر أن يرعاك
كم مرة يخطو إليك فلا يرى 
إلا وقد فتكت به عيناك
مترددا في خطوه لا مقدم
نحو القاء ولا يود نواك
ويعود في ألم ويلزم داره
خوف الهزيمة بعد طول عراك
يابغية الفنان إنت عزيزة
مهما تباعد وصلنا لحماك
في كل عام نستعيد قصيدة
كنا نطالعها على مراك
أيام كنت - ةلا أصدق ما أرى-
عيني تشاهد فتنة الأملاك
وظللت أرتاد الجمال وخاطري
لم يحوِ من دنيا الجمال سواك
في الفجر أول ما راك وفي المسا 
القاك بين الزهر و الأفلاك
قدست حسنك قبل معرفتي الهوى
وتخذته مثل الجمال الذاكي
وجعلت أدوسه مثل الدمى 
وأحاول الإفصاح حين أراك
علمتني شعر الياة وسحرها
والسحر صنو الشعر من معناك
لقنته من كل لفظ فاتن 
أو بسمة جلت عن الإدراك
ذكراك باقية على طول المدى
مهما أحاول لا أرى إلاك 
إن عاش غيرك في الخمول فإنما 
ذكراك يبعثها السماء الباكي

لمحات من سيرته وأعماله: 

ولد بمدينة الدويم (17 مايو 1908)، ونشأ في كنف خاله محمد عبدالحليم، وكان جده لامه عبدالحليم مساعد الساعد الايمن لاحد ابرز قواد الحركة المهدية عبدالرحمن النجومي. 

دخل الخلوة فالكتاب بالدويم ثم تدرج منها الى مدرسة أم درمان الوسطي واكمل تعليمه بكلية غردون التذكارية حيث تخرج منها مهندسا (1929م) 

التحق بمصلحة الاشغال مهندساً عقب تخرجه مباشرة براتب قدره 13 جنيها شهرياً وعمل بمدينة الخرطوم، وهو وان اوضح ملف خدمته مهارته ودقته في العمل وثناء رؤسائه عليه كمهندس، الا انه لم يشعر انه كان يحقق ذاته في هذا المجال. 

فقد برز كشاعر وكاتب ثم سياسي بعد ذلك. 

دفعه هاجس الدراسات الانسانية الى تغيير مسار حياته العملية عندما التحق بكلية القانون عند انشائها (1936م) وتخرج منها وزملاؤه الاقلاء كأول دفعة (1938).. والتحق بالقضاء وظل به الى عام (1946) وتركه للمحاماة حتى يستطيع ان يعمل في حرية أوسع بالسياسة التي هي الركيزة الثانية في حياة المحجوب. 

كانت تجربته كقاض في شندي 1943م ثم عطبرة والابيض تنم عن عسير المزاوجة بين القضاء ورفع لواء «المؤتمر» فانحاز للمؤتمر. 

نصع المحجوب كسياسي في فترة الاستقلال (زعيم معارضة، ووزير خارجية ثم رئيسا للوزراء عن حزب الامة) غير انه يبدو ان الحقبة الممتدة من (1927 الى 1937).

كانت من أهم فترات حياته اذ تبلورت فيها شخصيته الادبية والفكرية وتحددت فيها معالم آرائه السياسية وشهدت هذه الفترة كتاباته الثرة في شتيت ضروب الادب، والاجتماع والجمال والسياسة. 

بدأ الكتابة في «حضارة السودان».. (1927) وتوالى هذا في مجلة «النهضة» عام (1931م) ثم صارت كتاباته اكثر نضوجاً وتنوعا في مجلة الفجر (32 ـ 1937) والنظرة العجلى لهذه المقالات توضح ان جلها كان يحتقب: الادب، علم الجمال الاجتماع فالسياسة، ومعظم هذه المقالات ظهرت في شكل كتب في فترة لاحقة.. 

كان جنوحه السياسي لاستقلال السودان (بازاء فكرة الاتحاد مع مصر) يرجع جزئيا لاستقلاله هو بالرأى في هذه الفترة من حياته. 

لا يبدو ان منصب وزير الخارجية الذي تقلده لاول مرة (1956) كان غريبا على المحجوب، ولا هو يغريب علي الباحث في سيرته، فقد كان في وفد الجبهة  الاستقلاقية الذي اتجه للامم المتحدة ( 1946) يدعو لاستقلال السودان، ثم هو بعد ذلك في لندن يكون «رابطة عصبة الشعوب الملونة» ( 46 ـ 1947) مع كوامي نكروما وجومو كنياتا، ولفيف من الملونين من جنوب افريقيا وجزر الهند الغربية. 

حياة المحجوب السياسية مثيرة للجدل، على كل حال، وذلك لحدة المواضيع التي كانت تطرأ عليه.

دخل الجمعية التشريعية ثم استقالته منها (1950) عندما رأى عدم جدواها، أو التباسه بالمواضيع الملتهبة التي كانت تنتسج السودان ومن ثم البرلمانات التي تعاقبت بعد الاستقلال كقضية الجنوب، ثورة اكتوبر 1964م، اشكال طرد نواب الحزب الشيوعي، الدستور الاسلامي، انشقاق حزب الأمة، وخلاف ذلك مما اورث التوتر الذي تتباين حوله الآراء لكن لا مشاحة ان له ادواره السياسية التي سترتبط باسمه الى ان يفني الزمن كمخاطبته الامم المتحدة بتكليف من العرب قاطبة بعد عدواني (1956 ـ 1967) وانعقاد مؤتمر القمة العربي صاحب اللاءات الثلاث بالخرطوم ابان توليه رئاسة الوزراء.. (1967م) واجتماع الملك فيصل والرئيس جمال عبدالناصر في منزله (اغسطس 1967م).. وما تمخض عن ذلك من حل مشكلة اليمن الشمالي، ومسعاه البين عند اندلاع الحرب الاهلية النيجيرية والتي انتهت باعادة توحيد نيجيريا كما كان يأمل.. وقد شهدت له أروقة الامم المتحدة ومنظمة الدول الافريقية في هذا وذاك بارع الدبلوماسية، والاجادة  المذهلة لللغتين العربية والانجليزية.

ما ذكر آنفاً عن الاعتلاق السياسي، لا ينبغي ان يطغي على الذات الشاعرة في المحجوب الذي استهواه الجمال، فوهب الجمال دواوينه «قلب وتجارب» مسبحتي ودني «الفردوس المفقود» والديوان الاخير الذي اثارت فيه ذكريات الاندلس كامن اشجانه، عندما زار اسبانيا يبرز المنهاج الذي كان عليه المحجوب طيلة عمره التيار الاسلامي العربي الذي كانت تنبثق عنه جميع اعماله ومواقفه. 

وقد كان يرتاد آفاق المستقبل بحس شعرى ثاقب بلغ مداه في بيته. 

اعتقل وسجن في فترة الدكتاتورية الاولى (58 ـ 1964) وعاودته و في فترةالدكتاتورية الثانية (69 ـ 1985).. وحددت اقامته في منزله تحديدا منع معه من تشييع جثمان صديقه وغريمه السياسي الرئيس اسماعيل الازهري.. 

أكره علي المنفي في انجلترا.. ورجعت النفس المطمئنة الى بارئها (الثلاثاء 22/6/1976م).

وبالمناسبة حينما كان قاضياً بالأبيض زار كلاً من رشاد وأبوجبيهة في الأربيعينات حيث كانتا نحت دائرته القضائية. وكتب قصيدة حلوة عن الجبال حيث كان بيت الشعر يخص قرية ميري:

ماجبال ميري وقد رفت خمائلها
إلا زحيلة موحى الفن والأدب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق