بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب
بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

الأحد، 7 يوليو 2019

الشاعر السعودي محمد أبو شرارة يكتب عن السودان والسودانيين

من أوَّلِ النِّيلِ حتَّى آخرِ الذَّهَبِ 
لم يَخطُ فوقَ ثَرَى النِّيلَينِ غَيرُ نَبِي




أن تزورَ السودان ثم تخرج منها ، فكأنما تخرج من الجنّةِ على مذهب أبي الطيب : 
أبوكم آدم سنّ المعاصي .. وعلمكم مفارقة الجنان
كان كلّ شيءٍ أجملَ ما يكون ، ولك أن تذهب بخيالك بعيداً بعيداً ، النيلان يتعانقان في العاصمةِ ليمتزجا نيلاً واحداً خالداً ، الناس ذهبٌ خالص خلقاً ونبلاً وحفاوةً وسماحةً وشمائل لا تجدها مجتمعة إلا في السودان .
السودانيون رقيقون كالنيلين ، كريمون كالنيلين ، منسجمون كالنيلين ، وادعون كالنيلين .
ثلاثة أيام كأنما أنت خارج الأتون العالمي ، ثلاثة أيام وتحيتك حيثما يممت ؛ السلام .
كنت سأنغمس في ماء وداعتهم الساحر ، لولا هذه الشرارة التي تجري في كينونة الاسم ، فقلت في ليلة الافتتاح :



( نَقشٌ على ذَهَبِ النِّيلَيْن )




من أوَّلِ النِّيلِ حتَّى آخرِ الذَّهَبِ 
لم يَخطُ فوقَ ثَرَى النِّيلَينِ غَيرُ نَبِي




المُلهَمُونَ فلا جفَّتْ نُبُوءَتُهم 
والأَكرمُونَ أَحلُّونَا عَلَى الهُدُبِ




جِئنَا تَطيرُ بِنا الأَشوَاقُ في لَهَفٍ 
نُدوزنُ الحبَّ في شَبّابَةِ القَصَبِ




يا أسمحَ النَّاسِ أَخلاقَاً شَمَائِلكم 
تُعلِّمُ الكونَ نُبلَ السَّادةِ النُّجبِ




يَفنَى الزَّمانُ ولا تَفنَى بشَاشَتُكم 
كأَنّ ماءَ محيّاكم نَدى السُّحبِ




أَصبتُمُو نُونَ عينِ الحسنِ خالصَة 
عَنَّا .. و غيرَ بياضِ العَينِ لم نُصِبِ




فأَنتُم المبصِرونَ الحقَّ حينَ غدا 
سِواكُمُ بينَ موتورٍ ومحتَرِبِ




لو أَنْ " ديوجِينَ " قادَتْه خطاهُ هنَا ‏
أغناهُ إنسانُكم عن بُغيَةِ الطَّلبِ




يا أكرمَ الناسِ إنِّي جئتُ مشتَملاً 
عذرَ المقصِّرِ أنْ تَنبُو المدائحُ بِي



********


عجنَا على النِّيلِ نَستَافُ العَبِيرَ بهِ 
كأَنَّما كوثرٌ قد شِيبَ بالعِنَبِ




محمَّلاً يا ربى السُّودانِ ملءُ دمِي 
شَمِيمُ طَيبةَ من بستانِها الخَصِبِ




وملءُ قلبي قدَاسَاتٌ منَوَّرةٌ 
من مكة الطُّهرِ من ساحاتِها القُشُبِ




يشدُّنا حبْلُها السرِّي في رحمٍ 
من المحبَّةِ باسمِ الدِّينِ و النَّسَبِ



********


قِفْ بي على النِّيلِ واسأَله أَيعرفُني 
أنا ابنُ سمرِ القَنَا والخيلِ والقُضُبِ




نزاحمُ الشَّمسَ بالنُّورِ الذي خُتمتْ 
به الرسالاتُ نورِ المصطفى العَرَبي




حتى ملأنَا فضاءَ الأرضِ مرحمةً 
بخيرِ دينٍ حواهُ أشرفُ الكُتُبِ



********


يا نيلُ مالكَ هل أَنكرتَ صورَتَنَا 
وأَينَ عَذْبُكَ من هذا القَذَى العَذِبِ




نعم صدقتَ لقد حالَتْ مبادِئُنا 
و شوَّهتنا فلولُ الزَّيفِ و الكذِبِ




العَنتَريَّاتُ مازالت تُمزِّقُنا 
ومن كُلَيب ورثنَا سَوْرةَ الكَلَبِ




دمُ الحسينِ علينا سيفُ مُنتَقمٍ 
حتى فَنِينَا وجرحُ الثَّأَر لم يَطِبِ




من ألفِ عامٍ نُريقُ الدَّمعَ وهو دَمٌ 
حاقَت بِنَا كربلاءُ الهُونِ والتَّعبِ




العَابِدونَ وليَّ الأَمرِ هَلْ علِمُوا 
بَأَنَّهم صَنَعُوا رَبَّاً مِنَ الرُّتَبِ




والعَابِدونَ وليَّاً غائِبَاً خسِرُوا 
عقُولَهم إِذْ أَقَامُوهَا على الرِّيَبِ




مُمزَّقونَ فلا عهدٌ ولا ذممٌ 
مشرذَمُونَ بلا رأَيٍ ولا أَرَبِ




سَل الفُرَاتَين والعاصِي وسَلْ بَرَدَا 
من أَورثَ الذُّلَّ دارَ العِلمِ والأَدَبِ




مَنْ قالَ هَيتَ لأَمرِيكا فأورَدَنَا 
مواردَ الذُّلِّ في حِمصٍ وفي حَلَبِ




تصهينوا حيثُ ظنُّوا أَنَّهم غَنِمُوا 
عدوى التَّصَهينِ عدوَى السُّلِّ والجَرَبِ




هَل صارَ دولارُ أَمريكا وسطوَتُها 
رباً لكلِّ خسيسِ النَّفسِ مُحتَقِبِ




قادوا البلادَ إلى ذلٍّ ومخمَصةٍ 
عادوا بتاريخِنَا في سُوءِ مُنقَلَبِ




نعيدُ مأْسَاةَ أُوروبا لتُغرِقَنَا 
نارُ الفَرِيقينِ في دوَّامةِ اللّهَبِ



******


يانيلُ ياكوثرَ الدُّنيَا وزمْزَمَها 
مابالُ أَهلِكَ أَضحَوا عُرضَةَ السَّغَبِ




لو أَدركوا سِرَّكَ الأَسنَى جريتَ لهم 
تِبرَاً .. وكنتَ لهم حِرزَاً عن التَّعَبِ




يانيلُ ضاقَتْ بِنَا حتَّى عمَائِمُنَا 
وضَاقتِ النَّفسُ بالأَثوَابِ والأُهُبِ




يانيلُ إِن لم تُوحِّدنَا مَذاهِبُنَا 
فمَاؤُك العَذبُ للنَّاجِينَ خَيرُ أَبِ




شكراً وامتنانا وعرفانا لكل الأصدقاء السودانيين الذين كانوا وجهاً نبيلاً للسودان 🌷

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق