بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب
بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

الأحد، 29 مايو 2016

سُلافُ الأرواح - أحباء الله عز وجل - بقلم: د. مجدي الحاج


تألى اليهود والنصارى على الله عز وجل أشد التألي فادعوا أبوته لهم جل وعلا، وزعموا أنهم أحباؤه من دون الخلق، قال تعالى: "وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ"، فأنكر الله عز وجل عليهم ذلك أشد الإنكار قائلا: "قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ"، وإن كان قد أنعم على فئة منهم في فترة من الفترات التاريخية وفضلهم على العالمين، فذكرهم بهذا الإنعام وبهذا التفضيل في قوله الكريم: "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ"، إلا أن هذا التفضيل التاريخي لا يعني أن الله تعالى قد فضلهم على أمة محمّد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فهو تفضيل في الزمن الذي كانوا يعيشون فيه، وإن أمة محمد هي خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر منذ ميلادها وإلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها، وهنا يجدر الإنتباه إلى أن خيرية أمة المسلمين هي خيرية مشروطة قد تنتفي ما لم تتحقق شروطها المعروفة.
وفي زمن بني إسرائيل فقد فضلهم الله عز وجل على الكثير من الأمم، فقد خرج فيهم النبي موسى عليه السلام الذي أخرجهم من ذل الفراعنة وحررهم من عبوديتهم للطاغية فرعون، وقد فضلهم الله تعالى على العالمين في زمانهم، ولكنهم تكبّروا وجحدوا بما أتى به موسى عليه السلام وكذبوه وحاربوه، وقد أنزل الله تعالى فيهم الكثير من الأنبياء الذين قاموا بقتلهم وسفك دمائهم كلما خالفت تعاليمهم وأوامرهم أهواءهم المريضة، وهم القوم المعروفون عند المسلمين بأنهم قتلة الأنبياء مصداقا لقوله تعالى: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ۗ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ".
ولكن بعد كل هذه الأمور وبعد كل هذ التفضيل فقد كرههم الله عز وجل وأبغضهم أشد البغض وغضب عليهم ولعنهم إلى يوم الدين، قال عز من قائل: "وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ"، فهل من بعد هذا يستحق اليهود والنصارى أن يصفوا أنفسهم بأنهم أبناء الله عز وجل وأحباؤه من دون الخلق؟! بالطبع لا وألف لا. 
ولهذا أدرك علماء الإسلام أهمية حب الله عز وجل فكانوا يسألونه تعالى هذا الحب في دعائهم، ومن أدعيتهم في هذا المجال:
"اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغا لي فيما تحب، اللهم اجعل حبك أحبّ إليّ من أهلي ومالي ومن الماء البارد على الظمأ، اللهم حببني إلى ملائكتك وأنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين، اللهم اجعلني أحبك بقلبي كله وأرضيك بجهدي كله، اللهم اجعل حبي كله لك، وسعيي كله من مرضاتك".
فليس من بعد هذا الدعاء إلا التأكيد على أن من لم يكفه حب الله عز وجل فلا شيء يكفيه ولا حب يشفيه، ومن لم يستغن بالله تعالى فلا شيء يغنيه ولا حصن يحميه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق