بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب
بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

الأربعاء، 1 مارس 2017

هكذا تحدث: "دكتور الصديق"! - مجدي الحاج

الصورة لشخصي مع الدكتور صديق عمر الصديق
دكتور الصديق عمر الصديق هو مدير معهد العلامة السوداني البروفسير عبد الله الطيب للغة العربية بجامعة الخرطوم، وأستاذ الأدب العربي والنقد واللغة العربية بكلية الآداب فيها، وهو عضو مجمع اللغة العربية في السودان (أصغر عضو)، وهو مدير بيت الشعر السوداني الذي يرعاه حاكم إمارة الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، كما أنه أيضا عضو لجنة التحكيم ببرنامج "سحر القوافي" على شاشة التلفزيون القومي السوداني قبل توقفه حاليا، وهو شاعر وناقد لوذعي، ولكنه قبل كل ذلك رجل سوداني أصيل معتق بالبساطة والأناقة الداخلية النادرة، كيف لا وهو قد نبت كنخلة شماء في ضفاف النيل الخالد بجزيرة "توتي" الخرطومية.
التقيته مجددا على هامش مهرجان الشارقة للشعر العربي 2017م بفندق الهوليدي إنترناشيونال بكورنيش الشارقة حيث مقر إقامته، فاستقبلني بكل حفاوة وتواضع وهو يتزين بابتسامة مضيافة وودودة، ثم دعاني لاحتساء كوب من الشاي معه، وتجاذبنا أطراف الحديث حول الواقع الشعري الحالي في السودان، وأنشطة المؤسسات المعنية باللغة العربية وفنونها فيه، فكان أن حظيت بمجموعة من المعلومات الثرة والقيمة اختزنت أغلبها في ذاكرتي ولعلني سألخصها في مقام آخر بإذن الله تعالى.
وفي هذه السانحة قمت بتلخيص مجموعة من أقوال هذا الرجل الفذ تحت عنوان: هكذا تحدث: "دكتور الصديق"!، لعلها تبرز شيئا من عظمة شخصيته وتفوقها العلمي والإنساني، جمعتها من مصادر متفرقة من خلال الشبكة العنكبوتية للمعلومات كالحوارات الصحفية واللقاءات المتلفزة والمحاضرات الملقاة، وهي كالآتي:
1- لا أظنني وصلت إلى درجة يبلغ بها المرء غاية المعرفة، وأرى نفسي أنني ما زلت طالبا فكلما بلغ الإنسان شأوا بعيدا في العلم كما يراه الناس، يرى نفسه هو أنه ما يزال ينقصه الكثير.
2- والدي وجدي كانا من العلماء الذين تشد إليهم الرحال، هذه البيئة وفرت لي فرصة الحصول على العلوم والمعرفة بمساحات واسعة وفضاءات مشرقة، حتى وصلنا إلى جامعة الخرطوم وتتلمذنا على علمائها الأفذاذ.
3- تعريف الثقافة أمرٌ مربكٌ جدا لأنه لا نستطيع أن نحصر معنى الثقافة حسب حدود اللغة، فمعنى ثقافة في اللغة الإنجليزية (CULURE) يختلف عن المعنى اللغوي في العربية، فمعنى ثقافة في اللغة العربية يأتي بمعنى التقويم، وهو مأخوذ من كلمة ثِقاف والثِقاف آلة تُقوَّم بها الرماح وعلى هذا المعنى نقول: إن المثقف هو الذي يحمل المعارف الضرورية بمسؤولية كالمعارف المحلية والبيئية والكونية وهنا تتبدى بوضوح ظلال المعنى العربي للثقافة.
4- جدل العلاقة بين المثقف والسلطة جدل قديم، فابن خلدون كان أكبر مثقفي عصره وكان لا يرى ضيرا في تواثق المثقف مع السلطة والتعامل معها والعمل في إطارها، بينما الخليل نأى بنفسه حتى في مجرد التعامل مع السلطة وذلك في قصته عندما دعاه سليمان ليقوم بتعليم ابنه علوم اللغة والشعر، حيث قال: 
بلِّغ سليمان أني عنك في ثقةٍ 
وفي غِنًى غير أني غير ذا مالِ 
بينما هنالك من بهم ضعف فرضوا أن يسخَروا معارفهم للسلطة إما طلبا للمال أو الجاه، ومنهم مَن سعى سعيا حثيثا للحصول على السلطة نفسها كأبي الطيب المتنبئ حيث كان يتودد للملوك بشعره لكنه يجاهر بطموحاته للحصول على السلطة حيث يقول: 
وفؤادي من الملوك وإن كـــ
ــان لساني يُرى من الشعراءِ 
فالثقافة هي اشتغال بالفكر، والسياسة اشتغالٌ باليوميات والشعارات فهي متبدلة، ومن هنا يأتي الإلتباس فلا قانون محدد يحكم المسألة وإنما هي مسائل تقديرية.
5- الفن لا يُنظر للإجابات التي يقدمها وإنما يُنظر أثر الفكر الذي يتركه.
6- أبو الطيب عندي هو الفائز بين الشعراء بالضالة التي طلبوها ولم يجدوها، لأنه قد أوتي من الموهبة أولا في الغوص الإنساني العميق في جوف التجربة الإنسانية بتأملٍ مدهش، وثانيا بدفقٍ عاطفيٍ حيويٍ يرد إلى الشعر كثيرا من الحيوية التي فقدها والحرارة التي ذهبت مع برودة العواطف التي أفضت إلى برودة القول، وهو من هذه الجهة شخصية خاصة تطلب مدح الأمراء والكبراء ولكنها تتغنى في مجالسهم بأحلامها الخاصة، وهو صاحب نفس طموحٍ تثب إلى المعالي وثبا، ثم إن الحقيقة المهمة عنده هي قدرته على صياغة كل هذا الذي ذكرنا في قولٍ جامعٍ مانعٍ، ولعله هو نفسه كان يعلم هذا بآية ما قال لسيف الدولة:
وعندي لك الشُرَّدُ السائراتُ 
لا تحصيهنَّ في الأرض دارا
قوافٍ إذا سرنا عن مِقوَلٍ
وثبنا الجبال وخُضنَ البحارا
وبآية ما قال مادحا شعره:
ما نال أهل الجاهلية كلهم شعري 
ولا سمعت بسحري بابلُ
وقد تنبَّه أستاذنا عبدالله الطيب إلى أن الناس انشغلوا بشخص المتنبئ عن أدبه، فأديبٌ مثل طه حسين يقول عن أبي الطيب: أكره شخصه، وأحب فنه، ولأن طه حسين قد ذهب مذهبا بعيدا في حب أبي العلاء المعري، فإن أبا العلاء نفسه كان يعد أبا الطيب أستاذا له، وقد شرح شعره في كتابين الأول معجز أحمد، ومن الإسم يعني أحمد بن الحسين فهو يعد شعره معجزا، والثاني اللامع العزيز وقد شرح فيه بعض قصائد ديوان المتنبئ اختيارًا، وهذا دليل على انبهاره بأبي الطيب.
7- الشعر السوداني له تميز وخصوصية في سياق الشعر العربي كلهِ، وقد تحدث كثير من النقاد عن هذا التميُّز، فمثلا الأُستاذ الفلسطيني الكبير إحسان عباس وهو قد طاف البلدان العربية ذهب إلى أن الجزالة شيء يميز الشعر السوداني، وتنبه بعض النقاد إلى سطوع الصورة الشعرية في الشعر السوداني، وأذكر أن أستاذي الدكتور تاج السر الحسن -عليه رحمة الله- حدثني مرةً أنَّ أقرانهم من الشعراء العرب كانوا معجبين بسطوع الصورة الشعرية عندهم، وكان يعني نفسه والجيلي عبد الرحمن ومحيي الدين فارس، وقال: كانوا يناقشون ذلك في حضرتنا ثم يقولون إن شمس السودان الساطعة ربما كانت سببا في هذا السطوع الشعري. 
وحينما ننظر إلى شعر الفيتوري ألا ترى معي في دواوينه عاشق من أفريقيا واذكريني يا أفريقيا وغيرها شيئا ذا طابع خاص وغريب بالنسبة للشعر العربي فولى زمانه؟ عنفوانٌ وغضبٌ وثورةٌ تستمد نضالها من الشعور بالسواد، سواد اللون كما عبَّر عنه الفيتوري، ثم أن الفيتوري نفسه تفوَّق على كثير من الشعراء حينما استراح في ظل دوحة التجربة الصوفية، إذ كانت قصيدته في هذا الباب شيئا من الغنائية وشيئا من الفكر في صور ومضات وإلماعا من الحكمة الموجزة المصوغة صياغة محكمة فيقول مثلا:
دنيا لا يملكها من يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
العاقل من يأخذ منها ما تعطيه على استحياءْ
والغافل من ظنَّ الأشياء هي الأشياءْ
8- عندي في حياتي أماكن أثيرة هي كموحَى التجاني يوسف بشير أستطيع أن أستجمع فيها قواي، وأن أفكر فيها بعمق، وأحيانا ألوذ بمصاقبة الحياة المختلفة عند من سميناهم «البسطاء» غير أنهم تنطوي نفوسهم على فهم عميق للحياة والوجود فأجد عندهم المتعة والتجدد.
9- في ظني أنه ليس هناك كتاب في الأدب يجمع بين الفائدة والإمتاع أفضل من «المرشد الى فهم أشعار العرب»، للعلامة عبد الله الطيب.
10- لئن رسم الخيال (الجمعي) في بلادنا لعبد الله الطيب صورة أعرابي في شملته، فقد كان يتحدث العامية الجزلة بلا تكلف، وقد آنست فيه إشفاقا على تهجين العامية أوضار المدنية الحديثة، فيتحدث عن أن أهل المدن مالوا إلى الحذلقة واللين حين قالوا: (مين) بدلا من (منو)، وله من جنس الفكاهات في هذا الباب ذخائر، إذا روى طرفة منها ضحك ضحكا عميقا:
في راجل قال لولدو: يا ولدي أولاد الزمن عندهم كليمات بالحيل مزعلاتني.
رد الولد: إزاى يا أبوي؟!
قال الوالد: طَلَّق دي واحدة منهن.
11- فشوّ اللفظة الأجنبية وسيادتها بسبب تقدم الأجانب التقني جعل من عالم العربية نفسه لا يستطيع مثلا أن يسمي كل جزء في سيارته مع خمول المصطلح، وبعده عن الفاعليّة والحركيّة، ولذلك لا يبعد الأمر عن الذي ذكره ابن خلدون في شأن المغلوب المولع أبدا بتقليد الغالب، فرغبة الشَّباب العرب تصلُ بين تقدير التقانة والإعجاب بها وبين الفتنة بلغة مُنتجها.
12- هجوت توتي فخذها اليوم قافية 
أوحى إلي بها شيخ العفاريت
فأعلم بأن قتال النيل مأثرة 
أعيت رجالا وجوما كالمباهيت
ثر أيها النيل إن الوعد منتظر 
لن يخزي الله في يوم الوغى توتي
إن أزبد النيل أو جاشت غواربه 
ذاق الهزيمة من صد وتشتيتِ
قد حاز الشرف العالي أوائلنا 
فليس حبلهم منا بمبتوتِ
وبات يحسدنا قوم لأن لنا 
فخرا عظيما ومجدا ذائع الصيت
أما التجاني لما قال قافية
تحكي شعور فؤاد منه مبهوت
شاقته توتي بحسن لا نظير له 
كأنما اشتق منه سحر هاروت
شتان بين بلاد في قرنفلها 
لم ينجها حسنها من بطش طاغوت
وبين توتي وقد صانت محارمها 
رجال صدق من الصيد المصاليت
لم تبلغ النية الشوهاء مبلغها 
حتى وإن غنمت أسلاب جالوت 
إن الجزائر لا ترقي لهامتنا 
ولا صير الله توتي مثل هاييتي
وللحديث بقية بإذن الله تعالى.

شكرا مكتبة الملك فهد الوطنية - مجدي الحاج

ومن باب من لا يشكر الناس لا يشكر الله عز وجل فإني أتوجه بالشكر الجزيل للقائمين على أمر مكتبة الملك فهد الوطنية بالمملكة العربية السعودية على تشريفي بأرشفة ديواني المتواضع: "إلى سيدة لا تعترف بالحب"، ضمن إرشيف مقتنياتهم النفيسة من الكتب والمخطوطات.
ولهم مني جزيل الشكر مجددا على مجهوداتهم القيمة في نشر العلم والثقافة والتنوير؛ وهذا الأمر ليس بمستغرب على أهل المملكة العربية السعودية التي أحبها من كل قلبي، وقضيت فيها سنينا من أجمل سنين حياتي العملية والإجتماعية.

الأسود يليق بنا - مجدي الحاج

سألتني محبوبتي ذات لقاء: 
أراك تحب ارتداء اللون الأسود مثلي؛ فما هو السر يا ترى؟!...
فأجبتها:
أحب ارتداء اللون الأسود لأنه يذكرني دائما بسواد عينيك الحالمتين والبريئتين...
وأحبه أيضا لأنني أرى فيه كحلهما الأنيق وأنت تضعينه بمرودك الفضي الجذاب وترسمينه كما كانت ملكة السمر "نفرتيتي" تفعل...
وأحبه كذلك لأنه لون قماش عباءتك "الموسلين" البراق، ولون خمارك اللامع والذي يخفي تحته شعرا أسودا كسواد الليل الحالك...
وأحبه لأنه لون الليالي الطويلة التي أسهرها وأنا أسامر اشتياقاتي لقربك...
وأحبه لأنه لون قلادتك المصنوعة من اللؤلؤ الأسود الحر، فاللؤلؤ الأسود أغلى ثمنا من جميع أنواع اللآلئ الأخرى، وهو أندرها على الإطلاق، ويجيء من أعماق أعماق المحيط بعد جهد جهيد...
وأحبه لأنه لون أستار الكعبة المشرفة، ولون حجرها الأسود المكرم، ولا زلت أذكر تلك اللحظة التي كنت أناجي فيها المولى عز وجل عندها في أطهر بقاع الأرض "مكة"، وأسأله بإلحاح حتى يجمع شملنا وقد كان...
وأحبه لأنه لون المسك الذي يذكرني بعبير أنفاسك وهي تعطر الأفق الممتد حال حضورك...
وأحبه لأنه لون القهوة الصباحية التي تعدينها لي بدفء؛ فيغمرني دفء إحساسك في إعدادها قبل أن يتخللني دفؤها حال ارتشافها...
وأحبه أيضا لأنه اللون الذي أعطى وطني الحبيب "السودان" جذر اسمه اللغوي؛ ولأنه الذي جعل الأديب الأسمر "الجاحظ" يؤلف مصنفه العبقري والرائع في "فضل السودان على البيضان"...
وأحبه لأسباب أخرى كثيرة ولكن أهمها بالنسبة لي هو أنك أيضا تحبينه...
هل عرفت الآن لماذا أحب ارتداء اللون الأسود؟!...

الأحد، 26 يونيو 2016

تراجي مصطفى وقبيلة الرشايدة

الناشطة السياسية والمعارضة تراجي مصطفى التي شاركت مؤخرا في جلسات الحوار الوطني الحكومية تدافع عن سودانوية قبيلة الرشايدة وتمدح ثورتهم على الظلم والتهميش مع بقية قبائل شرق السودان
-----------------------------------
لمصلحة من اضطهاد قبيلة الرشايده والطعن في سودانيتهم؟؟؟؟؟

الاضطهاد اشكالا و الوان في السودان والعنصريه والرغبه في الاقصاء تبين كانها كامنه

فينا, تجد من يشكي من الاقصاء ويرغب في ممارسته تجاه اخوة له, ونجد من يتحدث عن التهميش

واذا اتيحت له فرصة السيطره ولو في رابطه يسعى لتطبيق التهميش بيديه ورجليه....

فحتى متى يا ابناء وطني هذا السخف وهذه المعايير المذدوجه في التعامل.

اعيش في بلاد(كندا) تمنح الجنسيه في ثلاثه سنوات ,ويستمتع الفرد بكل حقوقه بعدها, يستطيع

ان يترشح للانتخابات ناهيك عن الانتخاب ونقد السلطه.

دخلت كندا يوم 27/11/2001

ويوم 23/3/2002 كنت اتحدث للصحف الكنديه وانتقد التمييز العنصري و الاضطهاد الذي نواجهه,

لم اسوق هذا المثال للتدليل باني اتحدث للصحف او خلافه , وانما سقته لاستدل به انها بلاد

ترحب بالقادم اليها بل وتبدأ في سماع نقدهووتعمل بارائه.

وافجأ اليوم وبعد اقامة الرشايده قروننا في السودان

يآتي من يلمح لانهم لاحق لهم في الثوره او الاعتراض على الظلم.

الرشايده قبيله مسالمه عرفناهم في الشرق ونشهد لهم باحترام العادات و التقاليد

والاعراف, يجاورون العشائر بكل ادب ويراعون الجيره, سكنوا في اكثر المناطق جدبا

واقلها ماء ولم يشكوا او يعتدوا على اراضي الغير.

ربما كان فهمهم للامور انهم ضيوف ,ولكنه فهم قديم استصحبوهوا من ثقافة العرب الرحل

ولكن بقوانين حقوق الانسان هم سودانين لهم مثل ما لنا وعليهم مثل ما علينا.

فخورة انا بثورتهم.

فخورة بدخولهم للسايسه السودانيه من اوسع ابوابها

(باب النضال المسلح)

فخورة بممارستهم لحقوقهم كسودانين.

فخورة بوجود ابنائهم مع بقية قبائل الشرق في جبهة واحدة.

فخورة بانتفاضتهم على الظلم والتهميش و الاغصاء.

ومعا من اجل السودان الجديد

جنبا الي جنب

دينكا ورشايده

حلفاوين وفور

حلنقاوتنجر 

شلك وشوايقه

منداري وجعليه

بني عامر ومهاريه

زغاوة وفادنيه

شكريه وهبانيه

بني هلبه وسكوت

نوبه ومحس

انقسناوتنجر

بصاوله وفلاته

نوير وتعايشه

حمر وآشولي

كبابيش ومسيريه

والخ...من قابئلنا وتنوعنا الذي يرمز لتنوع ثقافتنا وثرائها.

ومعا من اجل تنوع يقوينا ولا يضعفنا.

كامل محبتي وتقديري لاخوتي الرشايده.

تراجي.

الشيخ زايد لم يرتد الزي السوداني رغم حبه للسودانيين

انتشرت قبل فترة في المنتديات والمواقع الإسفيرية السودانية صورة للشيخ زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ومؤسس اتحادها الأسبق رحمه الله تعالى وزعم فيها أحدهم أن الشيخ زايد قد ارتدى الزي القومي السوداني وهو العمه والجلابيه والآن وبالصدفة اكتشفت هذا مجرد ادعاء وكذب فالحقيقة أن الشيخ زايد رحمه الله تعالى لم يرتدي زينا السوداني أبدا رغم حبه للسودان والسودانيين وتقديره واحترامه لنا 
هذا الكاذب مطلوب حيا أو ميتا 
أشعر بالإستياء الشديد

الثلاثاء، 31 مايو 2016

مروة الطيب: تشكيلية ومصممة داخلية سودانية اتخذت من التراث نبعا لاستقاء الإلهام والوحي في أعمالها - رؤية نقدية من إعداد: د. مجدي الحاج

إن الفنون بشكل عام جزء أصيل من التراث الإنساني على اختلاف مشاربه وضروبه، وعلى تعدد أنواعه وأقسامه، وعليه فإن الفن التشكيلي يمثل جزئية تراثية خاصة في كافة المجتمعات الإنسانية، وقد خص الله عز وجل مجتمعنا السوداني بوفرة منقطعة النظير من الناحيتين التراثية والتاريخية، مع تميز بالفرادة والرونق الجذاب كما هو متوقع في بلد متعدد الثقافات وقوي الجذور في عمق التاريخ الإنساني مثل السودان.

وقد اتخذ الكثير من أهل الفن النبع التراثي نبعا مهما لاستقاء الإلهام والوحي في أعمالهم الفنية، وجعلوا منه حاميا ومعززا لنجاحاتهم في المجال الفني بصورة عامة، حتى صرنا نرى الكثير من معارض الفن التشكيلي قد اتخذت من التراثيات ومن المأثورات الشعبية والتاريخية المتداولة شعارا لها، والتي جرت على ألسن العامة، ورسخت في عقول المتلقين من الجماهير، وشكلت وجدانهم وذائقتهم الجمالية في هذه الحياة عبر أجيال متعاقبة، وعبر عصور مختلفة.

وقد اختبرنا في هذه القراءة النقدية الإستقرائية السريعة مدى التأثير التراثي والتاريخي على المخيلة الإبداعية للمصممة الداخلية والفنانة التشكيلية السودانية الشابة مروة الطيب، وذلك من خلال تشريح إحدى لوحاتها التشكيلية التي شاركت بها ضمن معرضها الفني الأول والذي عنونته بانعكاس دواخل تشريحا فنيا وإبداعيا وجماليا، ففي البدء نجد أن اللوحة تجسد رسما متقنا لثيمة فنية غنية جدا بالرمزية وبالإيحاء الفلسفي، وهي ما يعرف بمفتاح الحياة.

وعبر الغوص في التشريح الفني والإبداعي والجمالي لهذه الثيمة، فإن مفتاح الحياة أو العنخ يعتبر أحد الرموز التعبدية والفلسفية الخاصة في حضارة وادي النيل العريقة في كل من مصر والسودان، ولكي نغوص أكثر في الأبعاد الفنية والتشريحية للوحة الفنانة علينا أولا أن نكون صورة جيدة عن موضوعها الأساس وهو مفتاح الحياة، فهو رمز الحياة الأبدية عند قدماء حضارة وادي النيل في كل من مصر والسودان، حيث كان يستعمل كرمز للحياة بعد الموت، وكان يحمل من قبل الآلهة والملوك وفقا للمعتقد السائد في تلك الحضارة.

ويخطئ البعض حينما يخلط بين مفتاح الحياة، وبين الصليب المسيحي بسبب التشابه النسبي بينهما في الشكل؛ فمفتاح الحياة ظهر قبل استعمال المسيحيين للصليب بمئات السنين.

ولا يزال أصل الرمز لغزا لعلماء التاريخ والآثار، ومن أقدم النظريات عن مفتاح الحياة نظرية توماس إنمان التي نشرت لأول مرة في عام 1869م والتي تنص على: "إن ما أطلق عليه علماء المصريات مفتاح الحياة يمثل عنصري الحياة الذكر والأنثى في إطار شكلي لائق، ورمزًا لحقيقة أن الإتحاد المثمر هو هبة من الله".

وكثيرًا ما يظهر مفتاح الحياة في لوحات المقابر التاريخية في حضارة وادي النيل في كل من مصر والسودان، وغالبًا ما يظهر في الصور التي تمثل البعث من الموت للمتوفي صاحب المقبرة.

وقد جرى في كثير من الأحيان حمل مفتاح الحياة كتميمة -إما وحده- أو مع اثنين من الطلاسم الأخرى التي ترمز للقوة والصحة، وقد تم صنع مرايا من معادن على شكل مفتاح الحياة لأسباب زخرفية ترمز إلى وجهة نظر دينية، وكذلك فقد تم وضع نماذج معدنية لمفتاح الحياة على القبور بعد صقلها بالذهب أو النحاس كي ترمز للشمس.

وهناك الكثير يعتبرونه رمز الحياة والولادة لتمثيله الرحم، والبعض قال إن الممسك الملتوي على شكل بيضاوي بنقطتين متعاكستين يمثل بشكل رئيسي المؤنث والمذكر أساس وجود الحياة على الأرض، أو أنه يمثل الإجتماع الروحاني لـ: إيزيس وأوزيريس الذي كان له تأثير على وفرة مياه النيل الذي يعتبر أساس الحياة في حضارة وادي النيل القديمة، أو أنه يدل على البعث وإعادة الحياة مرة أخرى بعد الموت، أما الخط العامودي في النصف فيمثل التقارب من القطبين أو التكاثف بين الأضداد.

أما بعض الأكاديميين، فقد جزموا بأن مفتاح الحياة يمثل الدور المحوري لنهر النيل عبر مسار واديه في كل من مصر والسودان، فالرأس البيضاوي يمثل منطقة دلتا النيل، والجزء الرأسي يمثل مسار النهر، والجزء الأفقي يمثل شرق البلاد وغربها اللذان يحتاجان للحماية.

وقد تأثرت العديد من الثقافات الأجنبية بمفتاح الحياة، حيث ظهر في كثير من الأحيان على العملات المعدنية القديمة في قبرص وآسيا الصغرى (وخاصة مدينة مالوس في تركيا حاليًا) وفي الثقافة المعاصرة، وحتى وقتنا هذا، يستخدم مفتاح الحياة لتمثيل كوكب الزهرة الذي يمثل بدوره الإلهة فينوس أو أفروديت عند الغربيين.

وعليه فإن الموضوع الذي اختارته الفنانة مروة الطيب موضوع مميز وغني بالمعاني الروحية والفلسفية العميقة، حتى وإن كان لها أبعاد قد تتضارب ظاهريا مع روح التعاليم الإسلامية التي ترفض الشرك بالله عز وجل، والتحاكم إلى الخرافة أو للفلسفات المادية الغير مهتدية بنور الوحي الإلهي، وقد رأيت بأم عيني تعليقا من أحدهم على لوحة الفنانة يرفض رفضا تاما ويستنكر استخدامها لهذه الثيمة الفنية التاريخية، لا لشيء إلا لأنه رأى فيها تعارضا صريحا مع التعاليم الإسلامية، وهذا موضوع قد يتشعب وهو ذو شجون شتى قد لا يسع المجال هنا لمناقشتها بشكل كامل، إلا أنه وفي تقديري الشخصي يجب أن نبحث في أصل الأشياء بتجرد وموضوعية تستقي رؤيتها من الروح الإسلامية الضابطة لجميع الأشياء في حياة الإنسان.

ومن جانب آخر فأنا أحمد للفنانة استخدام هذه الثيمة الغنية في إحدى مواضيعها الفنية، لأن ذلك يثبت أحقية الحضارة السودانية القديمة السابقة لشقيقتها المصرية بقرون كثيرة في سيادة الحضارات الإنسانية قاطبة، وهو أمر يجهله الكثيرون في العالم خصوصا مع ضعف آلتنا الإعلامية في السودان، وحاجتها الماسة إلى التوجيه الصحيح والممنهج بشكل علمي يخدم السودان كبلد، والسودانيين كأصحاب حضارة عريقة وأصيلة تستحق كل الإحترام والتقدير من قبل الجميع.

إلا أن ما يمنحنا جرعة مطلوبة من التفاؤل لعلاج القتامة والسوداوية في واقعنا الآني في السودان، هي تلك القدرات المتميزة لبعض الشباب السوداني الصاعد والموهوب كفنانتنا مروة، فما أبهاها من فنانة أنيقة وهي تدافع بفنها عن حضارة بلدها السودان، وتبهج أرواح أهلها السودانيين بضربات فرشاتها المتقنة، وتغمرهم بألوانها الجميلة والعذبة حتى تزين حياتهم في لحظة قتامتها البغيضة، وتشاركهم بجمال روحها في لحظات سعادتهم الضنينة. 

وقد عمدت الفنانة مروة إلى تزيين الجزء العلوي من لوحتها البهية بفراشات متناثرة جميلة الألوان أخاذة الإيحاء، والفراشات في حد ذاتها لوحات فنية تشكيلية راقية الإبداع والتصميم، بل وصلت الحد في روعة الإبداع وفي إتقان الخلقة، كيف لا وهي من إبداع الخالق عز وجل الذي أحسن كل شيء صنعا!.

وقد تعلم الكثير من أهل الفن روعة الإبداع وجودته من جمال الصنع الإلهي وكماله المتناثر يمنة ويسرة في أنحاء الكون وفي جنبات الوجود، وهو ما فعلته فنانتنا مروة برؤية جمالية مبتكرة مزجت فيها بين الفراشات كحشرات جميلة وبديعة، تمتلك أرواحا وحيوات ملهمة، وبين الإبداع والإلهام في فلسفة مفتاح الحياة الخاص بحضارة وادي النيل القديمة في كل من مصر والسودان، فالفراشات حشرات صغيرة مدهشة الألوان، وساحرة في تحولاتها الحياتية ضمن أطوار مختلفة، و خلال مراحل متعددة، وهي أخاذة السحر كذلك ومؤنسة الرونق في تحركاتها وفي طيرانها الوديع، وهي تحمل كل هذه المعاني بإتقان مبدع على قصر عمرها وعلى ضعف بنيتها، إلا أن ما تنثره من جمال وروعة حولها، يحمل في طياته الكثير من معاني الخصوبة والإنتاج والتفاعل البيئي المتقن، ومن ذلك حملها لذرات الطلع ولحبوب اللقاح، ونقلها لها من زهرة إلى أخرى، في دلالة واضحة على الخصوبة والتجدد والنماء وعشق الحياة، كما تمزج الرحيق أثناء تغذيتها عليه مزجا محببا يدلل على التنوع وعلى اختلاف الأمزجة والمذاقات والمناخات الطبيعية، إلى غير ذلك من المضامين الجمالية والفلسفية الراقية، وهو ما استشعرته فنانتنا مروة بقوة، وقرأته بذكاء حين مزجت في لوحتها بين الفلسفة المفترضة لمفتاح الحياة وبين الفلسفة الرائعة في خلق الفراشات وفي كينونة أنشطتها الطبيعية.

وكما ذكرت الفنانة التشكيلية البولندية جوانا وهي تتحدث إلى زملاء مهنتها: "خلق الله الجمال في كل شيء حولنا، حاول أن ترى هذا الجمال، واستلهمه في إبداعك". 

وقد تشربت فنانتنا مروة بهذا المعنى الفني الرائع حين اختارت أن تجعل من أوراق الأشجار مادة إضافية في لوحتها الخاصة بمفتاح الحياة، وهي بذلك تريد أيضا الإفادة من الفلسفة الجمالية التي تحملها الأوراق الشجرية المتناثرة خصوصا في فصل الخريف، فهي ترمز إلى التجدد أحيانا وإلى الموت والنهايات في أحايين أخرى، يقول الكاتب السويسري من أصل ألماني هرمان هيسه في كتابه: (الأشجار: تأملات وقصائد):

"...في الليل وحين أسمع الصوت الهارب من أوراق الشجر الناتجة عن حركة الرياح أصاب بشعور في قلبي كبكاء المشتاق، إذا استمع أحد ما لذلك الصمت فترة طويلة فإنه سيكشف عن معناه، هو ليس سبيلا للهرب من المعاناة على الرغم من أنه يبدو كذلك، هو حنين إلى الوطن الأم، للحياة القديمة حيث أنه ليس دليلا على استعارات جديدة للحياة، هو الطريق المؤدي للوطن، هو الخطوة لولادة جديدة، وربما خطوة للموت، وكل أرض وإن كانت أشبه بقبر فإنها في النهاية ستكون الأم التي تلدنا من جديد...".

لوحة الفنانة مروة الطيب لوحة من القطع المتوسط، استعملت فيها خامة ممتازة للرسم والتلوين، وهي خامة قماش الكانفاس Canvas، وهو قماش (جنفيص) يصنع من القطن أو الكتان ثم يحضر ويؤسس للرسم والتلوين فيدهن بمادة بيضاء تسمى (الجيسو)، ويتوفر في الأسواق بأنواع مختلفة ويكون مؤسسا وجاهزا للرسم، ويمكن شراؤه بالمتر مثل القماش العادي أو شراء رول كامل (لمن يرسم كثيرا ويقصد بذلك التوفير)، وقد يكون القماش مطليا بمادة (الجيسو) وقد يكون بدون طلي، فيشد على الخشب في المنزل ثم يؤسس للرسم، ومن مميزاته أنه قوي ومتين ويدوم سنين عديدة ويتحمل رسم عدة طبقات، ويمكن مسح الألوان وإعادة الرسم عليه من جديد، وعند عرض الأعمال لا حاجة لتغطية العمل بزجاج، وعادة يكون من نوعين: نوع قطني (مصنوع من القطن) يعرف من لونه من الجهة الخلفية إذا كان مطليا فيكون لونه أبيضا مصفرا، ونوع كتاني (مصنوع من الكتان) يكون لونه أسمرا وهو أنعم من القطن ويدوم أكثر لأنه أقوى وأمتن، وقد استعملت لتلوينها ألوان الزيت Oil paints، وألوان الإكريلك Acrylic paints،  وهي خامات فنية جيدة، وإن كانت سائدة في الإستعمال الفني إلا أن التعامل معها يحتاج لقدرة وموهبة خاصة تتوفر بجودة عالية عند فنانتنا مروة.

وأخيرا وليس آخرا فإنني أؤكد على أن التراث السوداني تراث راقٍ جدا، ويستمد قوته من قوة التاريخ العريق للسودان، ويستوحي روعته من روعة أهل السودان النادرة والمتميزة، كما أنني أهنئ الفنانة مروة الطيب وأسرتها الكريمة ومجتمعها ووطنها بهذا الإبداع والفرادة اللامتناهيين، وأتوقع منها الكثير في مستقبل الأيام بإذن الله عز وجل، فهي جديرة بحمل ثقل وأعباء الفن التشكيلي الراقي في بلد شاسع وشامخ كالسودان، مع الكثيرين غيرها من أهل الإبداع.