بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب
بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

السبت، 30 أغسطس 2014

قراءات سودانية – بقلم: د. مجدي الحاج – المقال رقم: 6 هكذا دعت علي أمي في السودان

من الفوائد المهمة التي يجنيها رواد الجامع في حينا السكني من الذهاب مبكرا إلى صلاة الجمعة وخصوصا في فصل الصيف اللاهب الإستمتاع بخانة لا بأس بها تحت السقف المبرد بواسطة الهواء الذي يعالجه غاز "الفريون" في مكيفات الهواء الصحراوية، وتوزعه المراوح الكهربائية الكليلة جراء تيار كهربائي كليل أيضا تتميز به منطقتنا السكنية ناهيك عن الفوائد الأخرى من التبكير إلى صلاة الجمعة كثواب الصف الأول وأجر الصفوف الأمامية ومندوحة الذكر والتأمل وقراءة سورة الكهف أو تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم إضافة للتملي برؤية ملامح الإمام والإستماع إلى صوته عن كثب، فإذا تأخرت قليلا عن الذهاب لصلاة الجمعة في حينا لأي سبب من الأسباب فما عليك سوى أن تتأبط "مُصْلايَتَك" وهي المُصْلاية أو سجادة الصلاة الخاصة بك بلهجة أهل السودان وتنطلق نحو الجامع، لكن حينها ستجد نفسك مختبرا لشعور غريب يتكون من الخوف والرجاء في نفس الوقت.


أما شعور الخوف فمرده عدم وجود مفر من الصلاة ولا حجاب بينك وبين شمس السودان المشرقة في فصل الصيف والتي سرعان ما تستحيل "شين" إشراقها "حاء" من شدة إحراقها فتتحسر على تأخرك في سباق التبكير لأداء صلاة الجمعة، وأما شعور الرجاء فمرده الطمع في وجود حيز مقبول تحت المظلة المسقوفة بصفيح "الزنك"، والتي كثيرا ما تحركها الرياح لتصدر صوت احتكاك مقيت يحرمك من تبين ما يقوله الإمام في الخطبة، فإذا اضمحل الرجاء أول وصولك للجامع لتجد أنه لا بد من الصلاة في الباحة الخارجية غير المسقوفة والمكشوفة تماما أما السهام النارية التي ترمي بها الأشعة الشمسية بلا هوادة أو رحمة تغلب لديك شعور الخوف وجعلت تستجمع شجاعتك من أجل مواجهته ومواجهة عواقبه الوخيمة!.


ولا زلت أذكر تماما تلك الظهيرة الجمعوية اللاهبة والتي أكلت فيها الشمس من أم رأسي الأصلع ما شاء الله لها أن تأكل، فلم أكن أرتدي طاقية أو عمامة أو ما شابههما في ذلك اليوم بالتحديد والذي جلست فيه تحت الشمس ككثير غيري من المصلين مستمعا للخطبة ومصليا صلاة الجمعة في العراء جراء تأخري عن الحضور للمسجد ورأسي الأصلع عار تماما ومكشوف أمام ضربات الأشعة الشمسية التي لا ترحم.


وقد كان من ضمن ما ذكره الإمام في خطبته حديثا شريفا يقول فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فيما معناه: "إن لله ملائكة سيارين في الأرض يؤمنون على دعوات العباد فلا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم إلا بخير فلعلها تصادف ساعة استجابة أو يؤمن على دعوتكم ملك فيستجاب له".


حينها تذكرت دعوة قديمة كانت أمي قد دعت بها علي حين كنت أتأخر عن أداء الصلاة المفروضة في وقتها، وهي دعوة لا أشك في أن منبعها هو الحرص على تعليمي الخير عفا الله عنها فقد قد كانت تقول: "أمشي صلِّ الصَّلع المقابل الحر"، فتبسمت في نفسي وقلت أي ملك من الملائكة يا ترى أمن على هذه الدعوة التي أصابتني بحذافيرها؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق