بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب
بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

الاثنين، 31 مارس 2014

ملكي السعودية وأستاذهما السوداني

حكايات عن خادمي الحرمين الشريفين فهد وعبدالله بالدويم الريفية

يسألهما الأستاذ " هل كتبتما خطابا لوالدكما.. فيرد أحدهما " لا" فيعقب معلمهما " إن عليكما أن تكتبا له وتخبراه أنكما بخير .." بيد أن أصغر الأخوين يرد في وضوح " والله ان كتبنا له نقول له أننا في شقاء وعناء".

دار ذلك الحوار في زمن ليس بالبعيد بين الأستاذ عبدالرحمن أحمد عيسى وطفلين بعث بهما والدهما إلى مدرسة الدويم الريفية في أواسط العقد الرابع من القرن العشرين لينهلا من العلم والمعرفة.. 

بحكم نشاطه وحبه الجم للعمل كان الأستاذ عبدالرحمن مشرفا على الأنشطة المسائية لطلاب المدرسة..

الطفلين لم يكونا شخصين عاديين بل كانا أميرين، أبناء ملك..

هما الأميران فهد وعبدالله أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود.

و ضمن مهامه يتولى الاستاذ عبدالرحمن أحمد عيسى رعاية الوافدين الجديدين.

كانت مدرسة الدويم الريفية قد أعدت على نمط خاص غير كل المدارس السودانية، كانت ذات نظام تأهيلي يجمع بين الدراسة وبين إعداد الطلاب للحياة مستقبلا.. فكان يتوجب على الطلاب بجانب تحصيل العلم أن يتدربوا على الحياة الريفية غير السهلة وعليهم خدمة أنفسهم ومجتمعهم .. على الطلاب احضار الحطب واشعال النار وتفوير اللبن وغسل الاواني.. عليهم أيضا أن يكتفوا بتناول طعام بسيط وأن يتبعوا نظاما صارما في تنفيذ هذه المهام
.. 

كانت المهمة التي آلى الاستاذ عبدالرحمن على نفسه تنفيذها بنجاح هي تدريب الطالبين الجديدين لتقبل هذه الحياة القاسية نوعا ما عليهما
... 

ولم تكن المهمة ميسورة.. ففهد يصيبه الملل.. 

لكن استاذه كدأبه دائما لا يكل ولا يمل... يستمر في معاونتهما لأداء واجباتهما في المدرسة كبقية الطلاب" ... عليكما يا فهد ويا عبدالله ان تشاركا بقية الطلاب في جمع الحطب وتفوير الحليب و غسل الاواني" 

فهد يجيب أنه لا يعرف كيف يغلي الحليب.. أبوه واستاذه عبد الرحمن يأخذ بيده ويعلمه كيف يشعل النار وكيف يكمل مهمته.. والصبي ينظر ويتعلم، ثم على مضض يرد:
" والله لولا أنت يا أبويا عبدالرحمن نحن هذه الاشياء ما نفعلها "

طعام الداخلية لم يكن مستساغا لهما.. لكن الاستاذ عبدالرحمن يكلف زوجته باعداد طعام خاص لهما 

.. وهكذا شيئا فشيئا يعتاد الأميران الصغيران الحياة في الدويم الريفية ويتعلمان.. وأول ما يتعلمانه هو حب أبيهما عبدالرحمن. 

ثم بعد بضع أسابيع يتقرر أن ينقل الطالبان الى الاسكندرية وعند وداعهما يهدي الأمير عبدالله ساعته لاستاذه وأبيه ولما يعتذر عن قبولها يقول عبدالله "والله إن لاتقبلها يا أبويا عبدالرحمن أضربها بالارض" فيأخذ الأستاذ هدية ابنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله. 

ظل الاستاذ عبدالرحمن يتذكر بكثير من الود والحب كل طلابه الذين درسهم ومن بينهم فهد وعبد الله... وقلنا له ذات مرة وهو في آخر أيامه ألا تذهب الى السعودية فتقابل ابنيك فهد وعبدالله فيسران برؤيتك ويجزلان لك العطاء فرد باسما.. لا ...لا. ثم ما لبث أن استدرك قائلا وابتسامة ترتسم على محياه..... " والله أود أن أراهما"..

ثم بعد أن بعد أن انتقل للرفيق الأعلى، حدث أن قابلت البروفسير عبدالله الطيب وقلت معرفا شخصي له أنني ابن الاستاذ عبدالرحمن أحمد عيسى فقال لي: أنا أعرف والدك لكني لم أعمل معه .. ثم تذكر أمرا وقال وقد أشرق وجهه .. يحكون عن والدك أنه أفسد الود الذي بيننا وبين السعوديين، قلت و كيف ذلك؟ قال أنا لم أقل هذا الحديث لكن من قال ذلك هو الآن في رحاب الله ..ثم ذكر لي إسم أحد الصحفيين المشهورين .. قال لي إنه يقول إن أباك كان صارما في تعامله مع الأميرين فهد وعبد الله عندما كانا يدرسان بالدويم الريفية مما جعلهما ينفران من البقاء بالسودان. 

رددت تأدبا على المرحوم عبدالله الطيب أن ما أعلمه أنا شخصيا عن معاملة أبي لفهد وعبدالله في صغرهما ما كانت إلا لتجعلهما أكثر الناس حبا للسودان والسودانيين.

واني أعتقد أن هناك مودة خاصة يتحدث عنها معظم السودانيين المقيمين بالسعودية عن حب خادم الحرمين الملك عبدالله لهم.

ولربما جاءت هذه المحبة الخاصة وفاء لذكرى تلك الأيام التي قضاها الملك عبدالله بالسودان .. ومودته الخالصة لوالدنا الاستاذ عبدالرحمن احمد عيسى. 

ولا يخبرنا عن حقيقة هذا الامر الا خادم الحرمين الشريفين نفسه.. 

أطال الله عمره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق