رسالة إلى أصدقائي الأعزاء مع وقف تنفيذ اللقاء
إهداء خاص جدا إلى أصدقاء الروح في وطن الأرواح المجندة
التي يتآلف منها ما يتعارف، ويتنافر منها ما يتناكر:
السادة أعضاء غرفة المحبة وديوانية الإنسجام: (أبو إياد،
أبو نواف، أبو صلاح، أبو عبد الله، أبو ذيب، أبو حسين، أبو إيهاب، أبو عفان)...
جمعتنا الأيام، وفرقتنا الأقدار، ولكن ستبقى في الروح
منكم ذكرى عابقة لن تنمحي أبدا...
كنتم نعم الأهل لي، وكنتم خير العشيرة وأفضل الصحبة على
الإطلاق، ولو كان بالمقدور أن لا أمشي خطوة في الحياة إلا في معيتكم لفعلت...
ويشهد الله عز وجل على ما أكنه لكم في قلبي من محبة
صادقة، ومعزة خالصة، ووفاء مستمر سأحفظه لكم ما حييت...
ولا يسعني في هذه السطور إلا أن أصف عظيم شوقي إليكم، وأن
أعبر عن لاعج حنيني للقياكم، وشغفي الدائم باللحظات الرائقة معكم، وتوقي المتواصل
للإبتسامات الصافية بينكم، واحتياجي المستمر لدفء المحبة في وجودكم...
إن صداقتنا يا أحباب لهي حقا جديرة بأن نتمسك بها كلنا،
وأن نضعها بين أهداب العيون، وفي سويداء القلوب، فهي صداقة لا تموت إلا إذا مات
الوفاء، وهي محبة لا تنتهي إلا إذا انتهى الرجاء...
هي عصفور خرافي الجمال من عصافير الجنة المحلقة في أفق
الغيب السعيد، والتي تغرد بلحن عذب من ألحان الفراديس...
كنا نجد العذر لبعضنا البعض إذا أخطأ أحدنا في حق الآخر،
وكنا نسامح كأجمل ما يكون التسامح، وأصدق ما تكون المسامحة...
كان الواحد منا يأمن أخاه على علاته، ويظهره على نقاط
ضعفه دون خوف أو قلق، فهو يعلم تمام العلم أنه لن يؤتى من جانبه أبدا، ويعلم تماما
أيضا أنه سيسد مسده إن احتاج إليه في يوم من الأيام...
إن الصداقة الحقيقية شيء يشبه الماء والهواء والغذاء، لا
يمكن للإنسان أن يعيش بدونها، وهي كالصحة التي لا نشعر بأهميتها إلا عندما
نفتقدها...
كنت أحس بينكم بالتناغم والحميمية، وأشعر أنكم تسمعون أحاديث
نفسي حتى وإن لم أنبس ببنت شفة، فالجميع يستمع لما أقول، وأنتم وحدكم من يستمعون
لما لا أقول...
وفي كل مرة أنسى فيها أغنية الأفراح في قلبي، كنت أجدكم
تغنونها لي بأعذب الكلمات وأشجى الألحان...
وحينما افترقنا كنت أدرك تماما أني سأحمل جزءا منكم في
داخلي حيثما ارتحلت وأينما حللت، وأثق تماما أن أجمل أجزائي سيبقى معكم في أغلى
الأماكن من أرواحكم النقية...
فصداقتكم كالشجرة الثابتة جذورها في أعمق أعماق الأرض،
بحيث لا يمكن اقتلاعها أبدا مهما هبت رياح الأحداث، أو عصفت عواصف الصروف، أو هاجت
أعاصير النسيان، وهي شجرة معطاء تؤتي أكلها كل حين، وتطرح ثمرها المبارك في كل
لحظة، وليس فقط في موسم واحد من مواسم الحياة، أو فصل من فصول العمر المرتحل...
وهي وردة فواحة بمعنى الكلمة، لا تصدر إلا أطيب الشذى، ولا
تمنح إلا أعبق العبير، لكنها وردة بلا أشواك...
نعم هي وردة من أزهى الورود في حديقة الحياة، وفي
بستانها المثمر، وردة عبيرها الصدق، ورحيقها الإخلاص، وأكمامها الحب، وأوراقها
الإيثار، وشرابها اليقين، وظلها التعاون، وذبولها الفراق...
قد لا أكون قادا على رؤيتكم أو الإجتماع بكم كما في
السابق، لكني أعلم أنكم موجودون دائما من حولي مثل نجوم السماء، ومثل أقمارها
وشموسها التي لا تغيب...
كنت دائما ما أقرأ الصدق في "صاد" صداقتكم،
والدم الواحد في "دالها"، والأمن في "ألفها"، والقلب الشفوق
في "قافها"، والهوى الطاهر في "هائها"، فصداقتكم أبجدية ليست
ككل الأبجديات، ولغة ليست كباقي اللغات...
صداقتكم كالمطر تهطل دائما على جدب روحي، وصحراء نفسي،
وتسقيني بأطهر النصائح، وأعذب الدعوات، وأصدق الأمنيات...
عندما تصدأ القلوب فإن صداقتكم لا تصدأ، وعندما ينكر
اليوم أمسه فإن التواريخ تقف عندكم، وعندما تنحني أغصان الشجر وتنكسر فإن الإيمان
بكم وبوفائكم لن ينحني أو ينكسر أبدا...
وكم أخشى أن أموت أو أن ينقضي أجلي قبل أن أخبركم عن حقيقة
شعوري تجاهكم، فالأيام تجري بسرعة، والآجال تدنو من حيث لا ندري، لكن يبقى العزاء
في أنكم ستظلون عنوانا للوفاء في قلبي ما حييت، وأنكم ستظلون أصدقائي الأوفياء حتى
وإن وارى جسدي التراب...
إني أقدركم، أحترمكم، أعزكم، مطمئن بمعرفتكم، أتفاءل
بكم، أتقوى بوجودكم في حياتي، وأستند عليكم في معترك الأيام حقا...
فقط أريد أن أخبركم أني لم أنساكم في يوم من الأيام، ولن
أنساكم...
وإنني بهذا الرباط الوثيق، وبهذه العلاقة الأثيرة بيننا،
سأخبر كل صديق يأتي من بعدكم، أو حبيب تألفه روحي بعد إلفتها لكم، فالأرواح جنود
مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف...
ولتعلموا جيدا أنني أفديكم بنفسي، وأنني سأظل حارسا
أمينا لعلاقتنا ما بقي في الجسد عرق ينبض، ولتعلموا أيضا أنكم ستجدونني إن شاء
الله تعالى إلى جانبكم دائما في أشد أوقات الحاجة، وفي أحلك أوقات الصعاب، وتأكدوا
أنني سأكون هناك وإلى النهاية...
فقد منحتموني البسمة في يوم من الأيام عندما ادلهمت بي
الأحزان، وقد أعطيتموني الدافع الذي أحتاجه عندما انكسرت شوكتي وانثنت قناتي،
وهكذا تفعل الدنيا بأحرار أهلها، تعطيهم نكدا، وتجزيهم كمدا...
وفي الختام أريد منكم فقط أن تسامحوني إذا ضيعت في بركم
دون قصد، أو أخطأت في حقكم بغير إصرار، فبركم عقيدة في روحي، وحقكم محفوظ في نفسي،
وأنتم ستبقون الأجمل والأغلى والأحلى والأصدق والأطيب والأنقى في حياتي...
كم أحبكم...
التوقيع:
أخوكم وصديقكم المخلص دائما وأبدا:
د. مجدي الحاج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق