قراءات سودانية – بقلم: د. مجدي الحاج – المقال رقم: 2
تأملات في اللهجة العربية السودانية وغيرها من اللهجات العربية
(1)
الجملة الإستفهامية باللغة العربية الفصحى: ماذا تريد؟
نفس الجملة ببعض اللهجات العامية في الوطن العربي:
*المصرية: عاوز إيه؟
*السورية: شو بدك؟
*اليمنية: إيش تشتي؟
*السودانية: داير شنو؟
*الجزائرية: ويش تبغى؟
*السعودية: إيش تبغى؟
*العراقية: شنو تريد؟
*العمانية: مو باغي؟
*الإماراتية: شو تريد؟
الإجابة على الجملة الإستفهامية الواردة أعلاه: لا أريد شيئا سوى سلامتكم يا أيها العرب!.
(2)
في بعض مجتمعات دول الخليج العربي إذا أراد أحدهم أن يلفت انتباهك لرؤية شيء ما فإنه يقول لك: ناظر وفي بعضها الآخر: طالع أما في منطقة نجران جنوبي المملكة العربية السعودية على الحدود اليمنية فيقولون: اشبح أما في مصر فإنهم يقولون: بص وأيضا شوف المستخدمة أيضا عند عرب السودان ولكن بدرجة أقل من لفظة: عاين أما في محافظة نينوى شمالي العراق وبالتحديد في حاضرتها مدينة الموصل يقول البعض: اقشع والبعض الآخر يقول: دحق أما في المجتمع البغدادي فيقولون: باوع أما في بلاد الشام فيقولون: اطَّلَّع.
أما أنا فأقول:
سبحان من جعل العينين أداة للنظر والمطالعة والشبح والبصبصة والشوف والمعاينة والقشع والدحق والمباوعة والتطلع!.
(3)
يعد بعض اللغويين شقلبة الحروف المكونة للكلمات عند الناطقين بالعربية ضربا من ضروب الفصاحة وهو أمر شائع جدا في الكثير من اللهجات العربية المعاصرة خصوصا في لهجة عرب السودان من نحو:
*جداد هي نفسها دجاج.
*نجض هي نفسها نضج.
*جزاز هي نفسها زجاج.
*أقضب هي نفسها اقبض.
*أجبد هي نفسها اجذب ومنها الجبادة وهي أداة لجني الثمار من الشجار العالية ومن الملاحظ أن حرف الذال هنا قلب دالا كما هو متداول في بعض الكلمات من اللهجة العربية في السودان... وهلم جرا.
(4)
يتميز العرب المستعربون دون العاربين في العصر الحديث غالبا بالنطق السوي للحرف المميز للغة العربية ألا وهو حرف "الضاد" والذي منه اتخذت اسمها حيث أصبحت تعرف بلغة الضاد مع العلم بأن هذا الحرف لا ينطق إلا في اللغة العربية فقط بين شعوب العالم كله كما وصلني، فمن الملاحظ أن كثيرا من أهل الخليج العربي في الجزيرة العربية وهم من أصول يعربية قحة ينطقون حرف الضاد ظاءا في كثير من الكلمات التي تحتوي عليه فيصبح ظادا بدل ضاد ومن أمثلة ذلك:
ضرر = ظرر
ضيم = ظيم
ضفاف = ظفاف
ضعف = ظعف
ضلال = ظلال
أنقاض = أنقاظ
حضور = حظور... إلخ.
فيرتكبون بذلك خطأ جسيما في حق لغة الضاد لغة القرآن الكريم الذي كلما قرأت فيه آيتين خالجني شعور بأنهما موجهتان فعليا لأمثال هؤلاء من المشوهين نطقيا وهما قوله تعالى في سورة القمر: "سيعلمون غدا من الكذاب الأشر O إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر O ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر O فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر O فكيف كان عذابي ونذر O إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر O "، وقوله تعالى في سورة القيامة: "وجوه يومئذ ناضرة O إلى ربها ناظرة O " فعليهم أن يتمعنوا ناظرين إلى الآية الأخيرة هذه على وجه الخصوص ليعيدوا إلى أشرف لغة نضرتها في النطق، والحمد لله عز وجل أننا في السودان معافون تماما في التعامل مع نطق هذا الحرف الجليل.
(5)
كثيرا ما يلبس على بعض العرب نطق حرف القاف عند قراءتهم باللغة العربية الفصحى فينطقونه غينا من نحو:
قال = غال
قلم = غلم
قرنبيط = غرنبيط... إلخ.
ومن هؤلاء القوم عرب السودان، لكن من المستغرب جدا أن هذا الأمر ليس سليقة في لهجتهم ولكنه يعرض فقط عند تداولهم للقراءة باللغة العربية الفصحى، فهم ينطقون حرف القاف في اللهجة العامية بنبرة قريبة جدا للنطق الأصلي في اللغة العربية الفصحى، بينما نجد من ناحية أخرى أن بعض العرب ينطق حرف القاف كافا بينة فيصبح رقيق القول عندهم بمقتضى الحال ركيكا، بينما ينطق بعضهم الآخر ذات الحرف بإحالته جيما معطشة فأهل إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة يسمونها: "الشارجه"، ومثلهم يفعل عرب السودان مع كلمة الزهق بمعنى الملل والتضجر والسآمة فينطقونها الزهج، وكذلك يفعل بعض العرب مع حرف الكاف في بعض الأحيان سواء كانت هذه الكاف محالة في الكلام من حرف قاف أصلي كما أسلفنا أو أنها تمثل حرفا أصليا في الكلمة.
(6)
من الملاحظ أن معظم العرب السودانيين ينطقون حرف الذال ضادا في كثير من الكلمات التي تحتوي عليه من نحو:
كذب = كضب
ذنب = ضنب
ذبان = ضبان
يذوق = يضوق
ذكر = ضكر
ذبيحة = ضبيحة
مئذنة = ميضنة وهي بتحويل الذال ضادا وقلب الهمزة على نبرة أو كرسي ياء بالتخفيف.
أذنيك = إضنيك
ذهبان = ضهبان والذهبان هو ذاهب العقل وغائبه أو التائه...إلخ.
ومن ناحية أخرى أيضا فإنهم ينطقون حرف الظاء ضادا أيضا في بعض الكلمات المحتوية عليه من نحو:
ظل = ضل
ظهر = ضهر
ظفر = ضفر
ظلام = ضلام... إلخ.
على ما يبدو أن هناك علاقة عشق متجذرة بين عرب السودان وبين حرف الضاد الحرف الأهم في اللغة العربية!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق