هذه الصورة التقطتها بواسطة كاميرا هاتفي النقال وهي تمثل صورة أشعة سينية جانبية لرأس مريض كنت قد قمت بمعاينته في قسم الطوارئ.
هذا المريض في منتصف العقد الثالث من عمره، وقد تبين من خلال القصة المرضية التي أخذتها منه أنه قد تعرض لحادث سير مروري قبل عشر سنوات أدى إلى تلف وتهشم في عظام الرأس والجمجمة نتيجة الإصابة المباشرة فيها، وقد تم إجراء جراحة تعويضية له وزراعة جزء بلاتيني في الجزء الأمامي من رأسه جبهيا وقحفيا، وهو ما يظهر جليا في الصورة.
المريض يشتكي من صداع مستمر وخدر وتنميل في الطرف العلوي الأيمن منذ أسبوع، بعد سقوطه على الرأس مجددا في أرضية المنزل، وبالرغم من عدم وجود فقدان في الوعي أو استفراغ أو أي علامات للنزيف من الأنف أو الأذنين، فقد آثرت طلب صورة أشعة سينية لرأسه للمزيد من الإطمئنان تبعا لتاريخه المرضي.
وبعد التأكد من خلو عظام جمجمته من أي أدلة على وجود كسور حديثة، وبالتالي عدم وجود خطورة فعلية على صحة المريض تستدعي التدخل الطبي العاجل، قمت بإعطائه العلاجات والإرشادات المطلوبة، وطلبت تحديد موعد في أقرب فرصة معه في عيادة المخ والأعصاب لإجراء المزيد من الإستقصاءات ومباشرة العلاج اللازم إن تطلب الأمر.
إذا أردتم أن تعرفوا قيمة جماجمكم التي على رؤوسكم ونعمة وجودها العظيمة من أجل حماية الأدمغة من الإصابات فما عليكم سوى أن تنظروا إلى هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون حياتهم بأنصاف جماجم.
إنهم فعلا موجودون بيننا وهم على قيد الحياة يتمتعون بأرزاقهم ويمارسون أنشطتهم الحياتية بشكل شبه طبيعي.
والسبب الرئيسي لوجودهم هكذا ليس عيبا خلقيا ولكنها إصابات طارئة تعرضت لها رؤوسهم فقد أصيبت جماجمهم بضربات عنيفة جدا جراء حوادث السير المرورية أو السقوط من أماكن عالية على الرأس أو التزحلق على الأرضيات المبللة وبالتالي إصابتهم مباشرة في الرأس وحتى تعرضهم للكمات قوية على رؤوسهم أثناء المشاجرات أو الضرب بآلات صلبة ومباشرة على الهامات، وفي بعض الحالات كان السبب وراء فقدانهم لأجزاء من جماجمهم هو تعرضهم لجلطات دماغية ونزيف داخل القحف مما أدى إلى ارتفاع الضغط داخل القحف Intracranial pressure بشكل مهدد للحياة مما اضطر جراحي المخ والأعصاب إلى إزالة أجزاء من جماجمهم لتخفيف هذا الضغط وبالتالي الحفاظ على حياتهم.
وفي كل الحالات فقد أدت هذه الإصابات المباشرة التي تعرضت لها رؤوسهم إلى تهشم أجزاء من جماجمهم التي تحمي أنسجة أدمغتهم الحساسة وتحافظ عليه من الإصابات والضربات وعدم قدرة الأطباء والجراحين على ترميمها أو تثبيتها في أماكنها الأصلية أو الإضطرار إلى إزالتها جراحيا بغية تخفيف عواقب النزيف داخل القحف وارتفاع الضغط داخل القحف تبعا له وذلك بغرض الحفاظ على حياة الشخص المصاب.
ويحتاج هؤلاء الأشخاص إلى جراحات تعويضية للأجزاء المفقودة من جماجمهم عن طريق غرس صفائح من معدن البلوتنيوم في الأجزاء المفقودة من الجماجم وذلك لحماية أنسجتهم الدماغية من الإصابات التي قد تحدث لأي سبب من الأسباب، وقد يضطر بعضهم إلى اعتمار الخوذات الواقية طوال الوقت لأجل حماية أدمغتهم العارية من الإصابات.
ويعتبر هؤلاء الأشخاص معرضين للموت في أي لحظة عند تعرضهم لأدنى إصابة في أدمغتهم المكشوفة والعزلاء دون حماية.
وهنا علينا أن لا نكف عن قول: الحمد لله رب العالمين على كل نعمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق