قراءات سودانية – بقلم: د. مجدي الحاج – المقال رقم: 1
مدينة "أبو حمد" وجزيرتي "مُقرات" و" كِجنقيلي"
أبو حمد مدينة مهمة من مدن ولاية نهر النيل شمالي السودان وهي مدينة جميلة ومنطقة هادئة ووادعة على ضفة النيل العظيم الخالد، تمضي الحياة فيها لافحة مثل مناخها الملتهب واللافح، وشامخة كشموخ أهلها الطيبين ذوو النفوس الصافية كصفاء سمائها والسجايا العذبة كعذوبة ماء نهرها، فهم أمة صبوحة وعشائر متسامحة طبعهم النيل بطبعه فهم لذلك من الكرم بأعظم مكان، وصبغتهم أشجار النخيل بظلال الأنفة والإباء وتساقطت عليهم برطبها الجني، فالبركة في "بركاويهم" ورقة اللقاء في "ود لقايهم" – والبركاوي وود لقاي من أنواع التمور عند أهل أبو حمد -، تحدها من الشمال صحراء العتمور، وهي مفازة مهيبة والعرب تسمي الصحراء مفازة لأنها تعتبر المجتاز لها فائزا أو تتفاءل بفوز مجتازها ولذلك فهي تسمي اللديغ سليما تفاؤلا بسلامته، وقد أخذ فرسان "أبو حمد" الهيبة والخشونة من سوافي العتمور التي كثيرا ما كانت تدق بأيديها الخشنة أبواب مدينتهم الصابرة وكان الكثير من الأعراب كأبناء قبيلة العبابدة وغيرهم يعتبرونها محطة وواحة خصوصا من لهم صلة بالتجارة مع مصر حتى أصبحوا يحيطونها بأنظار العناية وبقلوب المتلهفين، وبالرغم من أن معظم أهلها كانوا وما زالوا حضرا مزارعين يعشقون الأرض حتى الثمالة ويهيمون حبا بالنخيل، إلا أن للتجارة محطا للقدم فيها، فهي ليست بمعزل عن العالم الخارجي، وقد اشتهرت فيها تجارة المراكب النيلية كغيرها من مناطق السودان الأخرى، والتي بلغت شأوا بعيدا من التطور في ذلك الزمان.
وبالقرب من مدينة أبو حمد، ترقد عروس كأنها العذراء في خدرها، أو الدرة في صدفتها، تحيطها المياه من كل الجوانب وتجاورها عدة مماثلات فهن بمثابة الوصيفات لها فهي القمر وهن النجوم من حوله، إنها الجزيرة مقرات، وما جاورها من جزر، وأبو حمد ومقرات هما حاضرتا قبيلة الرباطاب الفخذ الجعلي المشهور، ويرجع أصل تسميتها كما أخبرني بذلك جدي لأبي والذي حدثني عنها كثيرا خصوصا أنه قضى فيها فترة من زهرة صباه، إلى مقرات أو مستقرات الصالحين، وهو مكان استقرارهم وإقامتهم على ما يبدو، فقد كانت قبور الصالحين أو ما يسميهم أهلها بالأولياء موجودة فيها وبكثرة، ولعلها عادة نوبية فرعونية قديمة، لأن الفراعنة الأوائل من النوبة كانوا يجعلون لملوكهم مقرات أكثر مما يعد قبورا، والجمع في مقرات أوفر لأن العدد مجموع، فالصالحون والأولياء كثر، والبركة عامة، والنور منتشر، وقد حرف الإسم ليصبح فيما بعد مقرات بضم الميم وتسكين القاف وفتح الراء، ويقال لأهلها "المقارتة"، وقد ذكرها البروفسير عبد الله الطيب، والذي يكن لها حبا خاصا كثيرا، لأن فيه من معدن الوفاء ما فيه، فقد قال من ضمن ما قال في كتابه الفذ "من نافذة القطار":
"ومقرات جزيرة كبيرة، وغاظني بعد دهر أنني وجدت في كراسات الجغرافيا: الجزيرة قطعة أرض يحيط بها الماء من جميع الجهات مثل جزيرة توتي بالخرطوم، لماذا لا يستشهدون بمقرات؟! ولم أكن قد سمعت بتوتي، وما كان يخيل إلي أن جزيرة تكون أكبر من مقرات أو أشهر، ولا ريب أن توتي أصغر منها، وعسى أن تكون نفسي قد كرهت أثرة العاصمة وافتئاتها على الأقاليم حتى في كراسات الجغرافيا ".
وقال أيضا وهو يتذكر أيام صباه فيها :
"لقد كان تلاميذ الكتاب إذ كنا بمقرات رجالا، ولم يك من صغار غيري وغير آخر أو آخرين (ولعله يقصد جدي لأبي الحاج الطيب فقد ولد عام 1921م وهو نفس العام الذي ولد فيه البروفسير عبد الله الطيب الذي زامله في كتَّاب مقرات كما أخبرني جدي لأبي رحمه الله)، هذا أقوله على سبيل الإحتراز وأذكر أول مقدمنا مقرات منقولا أبي إليها من كسلا كيف ملأ القوم بيتنا بتمر من المشرق (ينطقونها بكسر الميم أي التمر الذي أصله المشرق كأنهم يريدون إسم الفاعل المشرق من أشرق فيقلبون الضمة كسرة وهذا في العامية كثير)، وقرب العجوة من ود لقاي، وقفف ملاء من ود خطيب الذي دمس بالرماد ليمنعه من السوس، وود لقاي وود خطيب من أجودا أصناف تمر السودان بلا ريب، أصلهما من المدينة المنورة فيما ذكر لي".
ثم يستطرد رحمه الله عز وجل قائلا:
"ومما أهداه لنا أهل مقرات طعام أيام متواليات… كان أهل مقرات حق كرام، ونما لنا معهم ود، وكانت تجمعنا بهم صلة رحم".
ثم نجده يتحدث عن معالم الحياة في مقرات ويصف الملامح الطبيعية فيها بأسلوب جذاب وشيق أفدت منه أيما إفادة، وقد دفن في هذه الجزيرة محمد سنوسي مؤسسة أسرة السنوساب العريقة والتي أنتمي إليها، جعله الله عز وجل من الصالحين المستقرين فيها إن صحت تسميتها بمقرات الصالحين، علما بأن هذه المنطقة منطقة صوفية لأهلنا من عشيرتي العبابسه والرباطاب فيها أحاديث كثيرة.
وقد اشتهرت الجزيرة كجنقيلي من جزائر الرباطاب قرب مقرات التي تعد كما سلف أكبر جزيرة في مجموعة من الجزر النيلية البالغ عددها كما وصلني تسع وتسعين جزيرة إن لم يكن في العدد مبالغة، والإسم كجنقيلي مأخوذ من لغة النوبيين أو العنج القدماء (ancient Sudanese) وهو يعني حافر الحمار، كمقر لمنتماي الفاره – كما أحسب - أسرة السنوساب أو آل محمد سنوسي وزعامتهم في القديم، ولهم فيها نخيل وأموال ولا يزال يقطنها نفر كريم من نسل هذه الأسرة الميمونة المباركة بإذن الله تعالى.
والملاحظ أن العرب عند مقدمهم لأرض السودان لم يغيروا أسماء المناطق التي دخلوها وإنما احتفظوا فيها بأحقية التسمية لأهلها الأصليين إلا ما يكون من أمر المدن والقرى التي ينشؤونها، في تعبير راق عن سياسة التداخل الثقافي الذي يستحق كل الإجلال والتقدير، ويدحض فرية أن بعضا ممن ينسبون إلى العرب يمارسون ما يعرف بالتطهير العرقي ضد أتباع الثقافات الأخرى في القطر السوداني خصوصا وغيره من الأقطار العربية عموما، - ومن الشواهد على ذلك بعض الملفات السياسية الشائكة المتعلقة بقضية ولايات دارفور المسلمة عن بكرة أبيها - ، ويحارب الشعوبية النتنة الموجهة ضد العرب الطائعين بإذن الله عز وجل، وفي تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ما يؤكد على أن النصراني الآري لم يكن يلتزم بمثل هذا المبدأ المتفوق إذ أنه قام بإبادة شعب بأكمله لم يتداخل معه أو يتزوج منه أو حتى يحفظ له أسماء بلداته وقراه على عكس ما فعل العرب المسلمين في البلدان التي دخلوها فاتحين منقذين وليسوا غزاة مدمرين.
وصحراء العتمور صحراء عريضة تقع جنوبي مصر وشمالي السودان، ما بين مدينتي حلفا القديمة وأبي حمد، ومعروف أن حلفا القديمة سميت بهذا الإسم نسبة إلى نبات الحلفاء ولأنها أيضا كانت المهد الأول للحلفاويين قبل تهجيرهم إلى حلفا الجديدة قرب الروصيرص في المناطق الشرقية للسودان بعد إنشاء السد العالي جنوبي مصر ، حيث نقلوا معهم ثقافتهم النوبية الممتزجة مع مجموعة مختلفة من الثقافات، أما أبو حمد فهي مدينة في شمال ولاية نهر النيل السودانية تبعد 538 كيلومترا شمالي الخرطوم العاصمة، أغلب سكانها من الرباطاب والعبابسة والعبابدة، وهي تعتمد على الجزيرة مقرات والجزر المجاورة لها في كثير من الأشياء كالخضروات بأنواعها، وبها بعض المعادن، وبعض الآثار، وهي توجد في منحنى نهر النيل المتجه شمالا نحو الأراضي المصرية في شكل هلال، وتوجد بها خطوط للسكة الحديدية ومجموعة من الطرق المعبدة بالإضافة إلى وجود مطار صغير، ويتميز سكانها بالطيبة وسماحة الأخلاق وحسن المعشر، ومن جزرها الشهيرة أيضا جزيرة كجي وقعيوة ونوري ويوكل وحجر أبو زيد.
والجزيرة كجي بها بعض الجزر الزراعية أيضا مثل البسيقة والرملة الفوق وأم شعاف ويوكل وبها قرى صغيرة مثل السليم، أم عجيجة، أم عريف، السرسف، الغابة، برازة، الكويب، الجوابرة والعسلية، وتنقسم أبو حمد إلى عده أحياء أكبرها وأشهرها مربع واحد، ومن أحيائها أيضا أحياء مربع 2 و3 و4 و5، القوز، السليم، المركز القديم، القوز شرق، وبها عدة أسواق هي السوق الكبير (السوق التحت) والسوق الصغير (السوق الفوق) وسوق الجمارك.
وقد أطلق عليها العلامة البروفسير عبد الله الطيب رحمه الله عز وجل إسم دال النيل فهي حقا مدينه تستحق الزيارة والمشاهدة، حيث تتمتع بمظاهر طبيعية خلابة للغاية لوجودها في أهم المنحنيات على نهر النيل ولكثافة أشجار النخيل فيها، وقيل إن سبب تسمية أبو حمد يرجع إلى رجل من قبيلة الرفاعيين كان يعرف بهذا الإسم.
ومن معالم الحياة الإجتماعية والثقافية في جزيرة مقرات وما جاورها نذكر كلاما نقل بتصرف يسير من كتابات البروفسير عبد الله الطيب عن ذكرياته في جزيرة مقرات، فهو يروي أن الشاعر ود الكليباوي قد قال في صنف التمر المعروف بود لقاي، حيث يذكر الشاي والسكر:
ما بيعجبني ود لقاي...
بادور التقلوا له الشاي...
أي ود لقاي لا يعجبني، ولكن يعجبني السكر الذي يصنع له الشاي ثقيلا، وبادور، الباء والفعل المضارع أدور أي أريد، ويحسب أصل الباء من باء يبوء، فهي بقية فعل وليست حرفا، وتنطق بدور بدون ألف في أغلب مناطق السودان العربي، والشقلبة الحرفية من ضروب الفصاحة كما هو معلوم، وليس عجومية كما يظن البعض القليل الخبرة في اللسان العربي، فالعرب تقول مثلا جبذ لجذب، ومن أمثلة الكلام المشقلبة حروفه غير المثال السابق في لهجة أهل السودان جداد لدجاج، ونجض لنضج.
ولود الكليباوي في الشاي أصناف أشعار، قال:
أنا إن جنيت مو قلبه...
شايا مو ورق حلبه...
بادوره معاي في التربه...
أي إن جننت فليس ذلك بما يستغرب، ومو هي ما النافية، الشاي الذي ليس بورق حلبة النبات المعروف، أريده معي في التربة أي القبر، أي كما قال أبو محجن تماما:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة يروي مشاشي بعد موتي عروقها
والتربه المراد بها التربة وهي القبر، وينطقها الرباطاب بكسر التاء، والأبيات بلهجتهم.
وكان أن ندر السكر عام 1930م، حتى أن حكومة تلك الفترة قد همت برفع سعر السكر حتى اختفى من الدكاكين، واستعمل الموظفون الحلوى فقال ود الكليباوي:
ما تصابح الجار يا حمار...
ما تسويها الحيله نار...
ما تصابح الجار القريب...
تسمع الكع تطلب الشيب...
إنت يا أخوي أمرك عجيب...
إنت ما عندك تراتيب...
ما تروح الدكان تجيب...
أي لا تزر جارك في الصباح الباكر أيها الحمار، وهي للذم، تزعم أنك تريد منه نارا لموقدك، وما تريد إلا أن تشاركه في شاي الصباح، فلا تزر جارك القريب أول الصباح لمجرد سماعك صوت رأس السكر يكسر كع كع فتطمع أن تشرب كوب الشاي شيب شيب، وقوله تريد منه نارا، يشير إلى ما يكون أو ما كان في القرى قديما، يستوقد أهل هذه الدار من أهل تلك، هل عندكم نارا فيعطونهم عودا أو جمرات، تماما مثل ستات الشاي أو بائعاته المتجولات حاليا، ومن أكثر ما تستوقد أو كانت تستوقد به النار بعر البقر، لأنه يحتفظ بالنار زمنا طويلا، وله جدار صليب.
وكان م يعني أحدهم رحمه الله رحمة واسعة تمتاما في صباه، أذكره كأني أراه عيانا، ولم يكن عمري فيما قيل لي إذ أشير إلى هذا أكثر من ثلاث أو أربع سنوات على أقصى تقدير، كان أراه الآن شبحا يحمل البعرة ويتمتم و يبكي، هذه الصورة العالقة أحسبهم كانوا يغايظونه وهم يعلمون ما يريد، فتزداد تمتمته ويبكي، أرى شفتيه وأنفه وهو ينخج ويذن أنفه من البكاء، وتختلط صورته في ذهني بصورة حلبية كانت تستجدي كعادة الحلب، أراها الآن وبيدها صحن فيه كسرة وملاح أخضر، أي إدام من ورق اللوبياء أو الخضرة، هذا كان اسمها واسمها الآن الملوخية، وكانت تحرك الصحن ليعم الملاح الكسرة، الكسرة في الوسط والملاح في جانب، وهي تريده ليستدير حول الكسرة، لعله ملاح ويكة، لا أرى الآن إلا الصحن وحدقتيها تتفرسان فيه جشعتين.
والحلب هم الغجر والنور بلهجة أهل السودان، كأن اشتقاقها من قولهم أحلبوا أي اجتمعوا من كل مكان، كأن معنى الحلب القوم الأخلاط، أو أنهم ينسبون إلى مدينة حلب الشامية نسبة لبياض ألوانهم -.
ومما أهداه إلينا أهل مقرات طعام أيام متواليات، وكانوا يطبخون بزيت السمسم وفيه مرارة، فيجعلون فيه شيئا من السكر، وأما سمنهم البلدي فكان نادرا جدا ويسلأونه مع البصل ويعلفون المعزى نوى التمر، أذكر شيخة كانت ترضخه، وعلقت هذه الصورة في ذهني، ثم قرأت بيت الحماسي:
كما تطايح من مرضاخه العجم
فبرزت معالم النوى المتطاير واضحة جدا، وحدأة مقرات كاسرة، أذكر إذ أرسلت لأحضر لحما، وكان اللحم قلما يجزر بالسيال حيث كنا نسكن، رعى الله أهل السيال وشيخها الكريم السمح وأسرته أهل المبرة واليمن، وحملت ما أرسلت لأحضره من اللحم، لا أرى فيم حملته، وإذا بحدأة، وأهل مقرات لا يقولون الحدية، ولكن يقولون السرتوية، تلطمني بجناحيها لطمات، وأصررت ألا أستسلم، وسقط اللحم مرارا، وقاتلت عليه الحدأة حتى أوصلته.
واصطاد أناس فرس النهر أو القرنتية كما هو معروف في بعض مناطق السودان، وأهل مقرات يسمونه القلوبة، بحفر احتفروها له، وبعثوا إلينا بقطعة منه، وفي كتاب الشيخ عمر إسحاق أو بابكر بدري إن لحمه تفه لا يأكله إلا الصيادون، ووضعت القطعة في الحلة، وأوقدت النار، وطال الأمد، والقطعة تبزبز بالفقاقيع والماء لا يفور، بل يتزايد وهو كالبارد أو الفاتر، الله أعلم أي ذلك كان، وعلمنا بعد دهر وقد ألقينا القطعة في الدمنة آنذاك حيث تلقى أوساخ الدار، أن لحم فرس النهر ينشف في الهواء حتى يفقد الماء، ثم إذا طبخ بعد ذلك كان جيدا.
والدمنة مفرد دمن، وهي المزبلة، وفي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهو أفصح العرب: "اتقوا خضراء الدمن"، يريد الوردة النضرة الأوراق، الجميلة العود، التي تنبت في المزابل، مكنيا بها عن المرأة الحسناء في منبت السوء.
وأهل مقرات يسمون اللوبياء العفن القسيل، ويسمون جابية الساقية الأقنين، ويسمون قطيع البيت الدقيق، والقطيع كان لازما في البناء السوداني، وهو مخزن صغير مظلم يقتطع في آخر البيت بجدار يوصل بين الجدارين الطويلين ويكون له بويب، ويسمون النفاج السام، وهو الباب الصغير يصل بين بيتين متجاورين، والسام هو الحوش، وأنشدوا:
شتيل المشرق ألـ علوا له سامه...
وفي مقرات بيان لأبينا آدم وأمنا حواء، مرحلة بالراحلة، لأن سيدنا آدم عليه السلام كان طويلا جدا، وأمنا حواء كذلك - والبيان أمره أن يزعم أحدهم أن وليا بعينه تبين له في موضع كذا، فيفتعل تربة وأحجارا ورايات، ويصير كل ذلك مقاما يزار، وفي البلاد الإسلامية مقامات من ضرب هذا كثير - .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق