بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب
بديني أفتخر وبأمتي أعتد وبمنتماي أعجب

الأحد، 24 أغسطس 2014

قراءات سودانية – بقلم: د. مجدي الحاج – المقال رقم: 3 البعض في السودان يدعي حب رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم)

قراءات سودانية – بقلم: د. مجدي الحاج – المقال رقم: 3

البعض في السودان يدعي حب رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم)


أثارت أزمة الرسوم المسيئة التي تعرضت للذات المحمدية الشريفة عليها أفضل الصلوات وأتم التسليم منذ تبنيها من قبل الصحيفة الدنماركية المغرضة والمعروفة بـ: "يولاندز بوست" في العام 2005م بحجة الدفاع عن حرية الرأي وحق التعبير موجة عارمة من الإستياء والمشاعر الغير مضبوطة في كثير من الأحيان عند عامة المسلمين في مختلف بقاع العالم وأرجاء المعمورة، ولم يكن السودان المعروف بحبه الفطري للذات المحمدية الشريفة عليها أفضل الصلوات وأتم التسليم بمنأى عن تيار هذه الموجة الشرسة، فانطلقت المظاهرات المنددة والمسيرات الشاجبة والمخربة أيضا بل والمهددة للأمن القومي إن صح التعبير وعمت شوارع العاصمة السودانية والمدن الأخرى.

ولا زلت أذكر تلك الدعوة المميزة والتي قدمها لي أحد الأصدقاء للمشاركة في إحدى هذه المسيرات نصرة للنبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ودفاعا عنه وتعبيرا عن مدى حبه في نفوس أهل الإسلام في السودان.

هذه المسيرة حدد لها توقيت ومسار معينين إذ كان من المقرر أن تنطلق بعد أداء صلاة الجمعة من جامع الخرطوم الكبير في قلب العاصمة السودانية وبالفعل قمت بالمشاركة في هذه المسيرة بالحضور الجسدي والروحي وقد رأيت فيها مشاهد كثيرة أثلجت صدري وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الإسلام والمسلمين في السودان بخير بل وبألف خير والحمد لله.

كان صديقي الذي قدم لي هذه الدعوة مشغولا جدا بالتنسيق مع آخرين من محلية الخرطوم حيث يعمل في تنظيم مسيرة النصرة هذه وضبط مسارها الذي بدأ من حدائق الشهداء بالقرب من القصر الجمهوري أو الرئاسي وانتهى عند مبنى الأمم المتحدة بالقرب من بعض الكليات التابعة لجامعة الخرطوم، حيث قدم ممثل المشاركين في هذه المسيرة عريضة شكوى لممثل الأمم المتحدة في السودان وقد استلمها هذا الأخير بشيء من التوجس والخوف رغم كثافة الحضور الأمني وأظنه كان يخشى أن ينفلت العيار الأمني وتتحول المسيرة إلى أعمال شغب وتخريب تطال مبنى الأمم المتحدة والعاملين فيه بالسوء وهو ما لم يحدث على الأقل في ذلك اليوم لما رأى من أمارات الغضب العارم على وجوه المتظاهرين.

ولا أخفي على أحد أن هذه الأمر قد غاظني إلى أبعد الحدود فهل كيان الأمم المتحدة المغرض هو الذي سينصف قضايانا العقدية والروحية كمسلمين والتي تمس كرامتنا وعزتنا المسلوبة بشكل مباشر أو سيثأر لها؟! لا أظن ذلك لكن الأمر على ما يبدو مجرد حلقة أخرى من حلقات مسلسل الإنحطاط الذي وقعت في براثنه الأمة الإسلامية والتي أصبحت كما قال عنها الإعلامي المصري حمدي قنديل صاحب برنامج قلم رصاص الشهير: 

"آه يا أمة جاحدة... يا أمة ناكرة... يا أمة ذليلة... يا أمة واهنة... يا أمة تلفانة... يا أمة عدمانة... يا أمة أونطة... يا أمة كانت أمة محمد... وبقينا أمة مهند..."، في إشارة خفية للغزو الثقافي المقيت والذي تجسد في المسلسل التلفزيوني الفتنة والمشهور على مستويات عريضة في الأمة العربية والإسلامية مسلسل "نور ومهند". 

كانت المسيرة عفوية جدا ولم تكن تستحق كل ذلك العناء التنظيمي في تقديري الشخصي والذي لم يكن في حد ذاته تنظيما ذا بال رغم ظهور القائمين عليه بثياب الإنشغال والعناء.

وقد عرفت فيما بعد من خلال صديقي آنف الذكر أنه انشغال مفتعل وتعن مختلق لأن الأوامر الإدارية كانت قد وصلتهم بعمل ما يليق أمام التغطية الإعلامية مميزة الحضور، إذ تم نقل فعاليات هذه المسيرة في نشرة أخبار العاشرة والتي يبثها التلفزيون القومي كل ليلة.

ومن خلال ملاحظتي لبعض التجهيزات المرئية للمسيرة لم أتمكن من رؤية سوى ما يبلغ عدده سبعة إلى عشرة براميل كبيرة ملئت بماء فاتر، ولم تلق فيها أي ألواح ثلجية بغرض تبريد هذا الماء من أجل سقيا المتظاهرين المتجمهرين في ساحة التجمع، كما رأيت أيضا نظاما صوتيا واحدا بملحقاته من سماعات مكبرة وميكروفونات، كما لاحظت أيضا وجود مجموعة من الباصات طراز "تاتا" هندي الصنع لا تتجاوز عدد أصابع اليد لنقل موظفي محلية الخرطوم المشاركين في المسيرة، إضافة إلى عدد ست أو سبع يافطات كبيرة كتب عليها عبارات من نحو: "لبيك يا رسول الله"، "كلنا فداك يا محمد"، "إنا كفيناك المستهزئين"...إلخ.

وبالنسبة لي فإن الصدمة الكبرى كانت حينما علمت من ذات الصديق أن الميزانية الموضوعة لإنجاح فعاليات مسيرة النصرة هذه بلغت المئتي ألف جنيه سوداني تم التصديق عليها واعتمادها من قبل أعلى المستويات في المحلية دون تردد بحسب إفادة صديقي رغم أن الكلفة الحقيقية لكل الفعاليات التي تم تنفيذها لم تتجاوز السبعة آلاف جنيه سوداني فقط كما ذكر لي صديقي وهو شخص مقرب من خزينة الحسابات في المحلية ومن الصادقين أيضا كما أحسب ولا أزكي على الله أحدا. 

وقد أخبرني في تعليق ساخر أن الأمر لا يحتاج إلى كبير عناء أو كثير مجهود من أي شخص ليدرك أن هناك سرقة حقيقية وتعد على مال عام وأكل لأموال الناس بالباطل تم باسم نصرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، حينها أدركت تماما لماذا يتجرأ علينا أعداؤنا كل يوم وينتهكون حرماتنا ويهينون مقدساتنا ويتعرضون لذات رسولنا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

كلمة أخيرة: عذرا يا رسول الله إن البعض في السودان يدعي حبك فما هكذا يكون الحب!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق