كلما هممت بالوضوء أيها المسلم لأداء الصلاة المكتوبة تذكر أن وضوءك هذا هو تطهير لروحك من قبل جسدك لأنك ستتوجه بكليتك لصلة محبوبك الأعظم جل وعلا، محبوبك الذي تلغي محبته أي محبة أخرى في نفسك أو هكذا ينبغي أن يكون.
وتذكر أيضا كلما وقفت بين يدي المولى عز وجل أنك واقف بين يدي محبوبك اللطيف الذي لولا أنه يحبك حبا عظيما لما طالبك بالوصال، ولما فرضه عليك في هيئة عبادة الصلاة، لأن في ذلك تحقيق لمحبته لك، وتثبيت لعراها في نفسك..
نعم لقد أمرنا بالصلاة خمس مرات في اليوم والليلة، لكي تكون صلتنا به قوية بالشكل الذي يحقق غاية حبه لنا كما يريد ويرتضي، ولذلك فقد فرض الصلاة علينا لأنه يحبنا بصورة عظيمة ومتفردة ويريد أن يعلمنا بحبه العظيم والمتفرد لنا ونحن بين يديه وأمامه مستقبلين قبلته التي ارتضاها لعباده المؤمنين.
وتذكر دائما أنه يقول لك: أنا أحبك يا عبدي فأحبني كما أحبك.
وتذكر أيضا أن الله عز وجل بعظيم سلطانه وجلاله هو من بادر بمحبتنا ولأجل ذلك فرض علينا العبادات والطاعات والقربات حتى يعلمنا ببادرة الحب هذه، قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، ولتعلم أن حبه هذا يجسد حبا مستمرا ومستديما رغم مبارزتنا له بالمعاصي، ومحاربتنا له بالخطيئات، ودليل محبته يتمثل في عنايته بنا في كل حال وويتجسد في رأفته ورحمته بنا في كل وضع، ويظهر بشكل جلي في إرساله الرسل لهدايتنا وإعادتنا إلى طريق الصواب حال انحرافنا عنه.
وتذكر أيها المسلم أن حب الله عز وجل حب دائم وأزلي ولا ينفصل عن العبد أبدا إلا إذا أصر العبد على رفضه، ومن ذا الذي يرفض حب الله تعالى إلا من فقد عقله؟!.
وتذكر أن حب الله عز وجل حب كامل ولا يمكن أن يكون إلا حبا كاملا لأنه صادر من مصدر الكمال الكامل بشكل مطلق وأصله الأوحد والذي لا أصل غيره للكمال.
قد يكون حب الناس للناس حبا متفاوتا في درجة كماله وإن كان للنقصان أقرب، فهو حب يعتمد على شخصية الإنسان في المقام الأول، أما حب الله عز وجل للجميع فإنه لا يمكن إلا يكون حبا كاملا بشكل مطلق إلا لمن يأبى، وإلا لمن سبق في علم الله تعالى برفضه لنعمة الحب العظيمة هذه.
وتذكر دائما أيها المسلم أن الله تعالى يحبنا كيفما نكون، وليس كما ينبغي أن نكون، فنحن لا نستطيع أن نكون في أفضل الأحوال أو أكملها دائما ولم يخلقنا الله عز وجل لذلك أو يركبنا بهذه الصورة، يقول الله تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ".
وبناء عليه فإن الله عز وجل يحبنا ويقبلنا بكل عيوبنا وعلاتنا وأخطائنا، فهو يعرفنا حق المعرفة ويعرف تفاصيل حياتنا ويعرف كل شيء عنا إيجابيا كان أو سلبيا، يقول الله تعالى: "رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا" ويقول أيضا: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير".
فليس من السهل نجد حبيبا يعرف عنا كل شيء ويبقى يحبنا بنفس الدرجة والمقدار، لا سيما إذا عرف أمر أخطائنا وعلاتنا وعيوبنا.
وتذكر أيضا أيها المسلم أن حب الله عز وجل لنا هو حب متأن ومستبصر وواسع الحيلة والحال والصبر، فمن المستحيل أن نجد في كل زمان ومكان من عنده استعداد دائم لسماعنا، بل ويسعد بالإصغاء لشكوانا ولا يصيبه كلل أو ملل جراءها، تعالى الله عز وجل عن ذلك علوا كبيرا، فهو وحده من لديه الإستعداد في كل وقت لسماعنا والإصغاء لنا، بل يحب أن يسمعنا ونحن نتلذذ بدعائه ونلح عليه بالرجاء والطلب والمسألة.
وكذلك تذكر أيها العبد المسلم أن حب الله عز وجل هو حب فردي تماما كما هو حب جماعي، بمعنى أن الله عز وجل وكما يحب عباده ومخلوقاته بالجملة، فإنه يحب كل عبد منهم ومخلوق على حدة وكأنه العبد والمخلوق الوحيد عنده، فهو يعرف أسماءنا جميعا وأحوالنا كلها بأدق التفاصيل، يعرفنا أكثر من أنفسنا وأكثر من أي شخص آخر في هذا الوجود، وينادي كل واحد منا باسمه وصفته التي يحب.
وتذكر أن حب الله عز وجل للإنسان هو الحب الوحيد القادر عل تغيير الإنسان تغييرا جذريا وبصورة إيجابية وملهمة، فالقاعدة المشهورة أنك إذا أردت أن تغير إنسانا للأفضل وأن تكرمه فأحبه، والله عز وجل يحبنا بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
يقول المولى عز وجل في حديث قدسي عظيم المبنى لطيف المعنى:
"يا ابن آدم أنا لك محب فبحقي عليك كن لي محبا".
فهل آن الأوان لكي نحب خالقنا عز وجل كما أمرنا بحبه لأنه يحبنا ويريدنا أن نبادله حب بحب وهو الغني عنا؟!، أما آن الأوان؟!.
د. مجدي الحاج
#ترانيم_الحب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق