الجمعة، 13 يوليو 2012

جدي والتاجر اليهودي إدوارد بنو سمعان

جدي لأبي الحاج الطيب -رحمه الله-

   كان مما حكاه لي جدي لأبي الحاج الطيب الحاج السنوسابي، أن تاجرا إغريقيا من اليهود أيام كان الإنجليز الأنجاس يحكمون أرض السودان يعرف بالخواجة إدوارد بنو سمعان، قد تمكن من استدراجه للعمل معه في مناطق الرباطاب، وذلك لمعرفته بهم وبمناطقهم بعد أن اختبره بمكر ودهاء ذات مرة، وكان أن قدم له عروضا مغرية للغاية في منطقة حجر الطير جنوبي مدينة المتمة الحالية في ولاية نهر النيل السودانية، فوافق على العمل معه بمقتضى التجارة فحسب، ولم يدر في خلده ولو للحظة، أن هذا الخواجة الإغريقي اليهودي النجس، كان يعمل بجد واجتهاد وتفان منقطع النظير، من أجل مساعدة إخوانه من اليهود الأنجاس في التحضير والتجهيز لاحتلال أرض فلسطين، فقد كان يمدهم بالمحاصيل السودانية المهمة ويصدرها لهم عن طريق مصر من مثل القمح والفول والعدس والفواكه وغيرها.

   وقد تواتر أن هذا اليهودي اللئيم كان يستغل سذاجة الناس وطيبتهم وجهلهم بالمخترعات الحديثة، فيتجسس عليهم، فهو يدير إسطوانة فارغة في مجالسهم ومنتدياتهم حتى يسجل عليها كلامهم ومناقشاتهم بغير علم منهم ولا استئذان، فهم في ذلك الزمان لا يعرفون ماهية تلك المخترعات الحديثة كآلة التسجيل تلك، فيعيد سماع ما تم تسجيله لهم بغير علمهم ويخبرهم به، حتى توهم بعض من السذج منهم أن له رئيا من الجن، أو أنه ولي كشفت عنه الحجب برغم يهوديته وكفره فسبحان الله، وقد اشتهر بين الأهالي بتقاريره الإذاعية التي كان يراسل بها إذاعة إسرائيل الناشئة من مدينة شندي، وهي لا تخلو من التهكم الصارخ من السودان والسودانيين.

   والحقيقة أنه قد كان هناك العديد من الإقطاعيين اليهود الذين مكن لهم الإنجليز في أرض السودان، ولعل ذلك من أجل أن القوى الغربية قد قررت ترحيل اليهود إلى يوغندا جنوبي السودان باديء ذي بدء، لكنهم أصروا على أرض الميعاد المزعومة عندهم وهي فلسطين، وقد كان لهم كنست أو معبد في قلب مدينة الخرطوم، والحمد لله الذي طهر أرض السودان منهم، فقد كانوا يقيمون بطولات للجمال بالإضافة إلى البارات والحفلات الماجنة الخليعة وغير ذلك من الفواحش، يقول الشاعر الشاب التيجاني يوسف بشير متحدثا عن خيرات البلاد التي كان ينهبها الإنجليز النصارى، واليهود، وسواهم دون أن يستفيد منها أبناء البلد الأصلاء، وذلك في قصيدته الرائعة "ثورة":

وطني   في   الصبا   الدمى   والتما                ثيل      ومن     أحب      وخدني
يا     بلادي      أخلصتك     الخير                 و استعفيت ودي  إليك  من كل مين
يا   بلادي   وأنت    أضيق   من                  رزقي  مجالا ودون  أخرات   أذني 
حسب  قلبي  من  الأسى  ما   ألاقي                  ملء   جنبي   من    كلال   وأين
وبحسبي   من  حاجة  عوز  يدفع                   نفسي     إلى      فراق     وبين
قف     بنا   نملأ    البلاد   حماسا                   ونقوض   من    ركنها   المرجحن
هي     للنازحين      مورد     جود                   وهي    للآهلين    مبعث     ضن
يستدر     الأجانب    الخير    منها                   والثراء   العريض  في  غير    من
أبطرتهم         بلادنا        فتعالى                    ابن    أثينا   واستكبر   الأرمني 
  
  ولعل أبرز شخصية يهودية حكمت دولة إسرائيل المزعومة، كانت من أبناء إحدى الأسر الإقطاعية اليهودية في السودان وهي بنيامين نتنياهو عليه وعلى جميع المغضوب عليهم اللعنة، وقد كانت كما تواتر تستثمر أموالها في مناطق الشايقية من الشمال السوداني، وقد كان جدي لأبي -رحمه الله- جد نادم ومتحسر ويقول ليته كان يعلم بنوايا هؤلاء اليهود الأنجاس، وخبث سجاياهم، فلو عرف لفعل بهم الأفاعيل، والأمر الواضح والجلي كما سبق أن أبناء الأمة الإسلامية قد غرر بهم لغير صالحهم، هدانا وهداهم الله عز وجل.

   والآن فأنا أحمد الله عز و جل كلما مررت بجوار البنك الأهلي في شارع القصر الجمهوري في قلب الخرطوم، حمدا كثيرا لأنه المكان الذي كان فيه دير للجالية اليهودية قديما، وأحمد الله عز وجل كلما قرأت على جواز سفري السوداني عبارة: "صالح لكل الأقطار عدا إسرائيل"، وليس هذا من قبيل التحامل على المغضوب عليهم من اليهود، لأن المسلم بطبعه، وبحسب ما تمليه عليه عقيدته لا يتحامل، فالحمد لله مرة أخرى. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق