الثلاثاء، 12 مارس 2019

الجـــــــواد والـــريـــــــح للشاعر السوداني محيي الدين فارس

مهشمة كانت الذاكره

وبيت المشيمة عند المخاض.. غدا مقبره

وقابلة الليل قد حاصرتها

يدُ الريح.. في الظلمة الممطره

وحدَّثتُ عرافة الغاب..

أين طقوس الولادة..?

.. باب المذابح. ما ضمخته دماء الكباش الجميله

أين بساط الولائم?..

... وانطفأت.. أعين المجمره

على عتبات المدينة

طنَّ السكون.. وفاح كلام الظلام..

.. العصور الجديدة تولد

تبرح بوابة الدير.. عرافة الغاب

تنزل من جبل الصمتْ

وتشعل في الليل كل القناديل

تفرش بالضوء كل العشايا

يقوم الضحايا

ملابسهم أرجوان.. وأعينهم تتحدى الرزايا

تقول النبوءة:

يأتي على فرس أدْهمٍ

يسبق الضوء..

يخترق الريح..

يدَّرعُ الليل

يفتح بوابة العصر..

ينسج وجه الهويه

ينزع جلد المرابين

يكنس قشر الكلام.. يغني

تصادره الشمس

ثم يصادر هودجها الذهبيَّ

ويجدل من شعرها مقصله

ويفتح أبوابنا المقفله

لمحتك في زَبدِ النار ياقوتة

رضعَتْ من حليب الشموس..

ارتوت من رحيق الحضارات

.. واتّكأت في جبين الزمان...

اللصوص اختفوا تحت شباكها

ثم مدوا على عجل

.. سُلَّمات الصعود

فجرِّد حسامك..

كل الحوارات أطروحة لم تتم

وسفسطة ما تزال

وكل الطواغيت مشغولة بالطواغيت

واللابسون رداء الكهانات

كالبوم... فوق طلول الزمن!!

وقد حمحمت في البحار السفن

دعيني

فللبحر.. رائحة منعشه

وقد حمحمت سفني للرحيل

وصفقت الريح في الأشرعه

فهذي المدينة تأكل أبناءها

ثم تنسَلُّ..

تقبع في الظلمة الموحشه


ليـــالـــــي المنــفــــــى

كنا نحدق في فراغات الزمان

وتأكل الصحراء أوجهنا

وتذرونا الرمال.. على الرمال

نجري.. ونقتحم اللظى. ونموت في المنفى

.. تبعثرنا الجبال.. على الجبال

تتقيأ الدنيا أَظِلّتَنا..

فنركض في مناكبها.. هياكل..

ترتقي جبل الهموم.. بلا ظلال

ونخيلنا ما لقَّحته الريح.

ما ألقت جدائله على كتف الجزيره

والنهر مسلول الجوانح. ما به شبق.. ولا زبد

فقد نسيت أواذيه ترانيم (الدميره)

تخبو مصابيح الخيام

تموت ثرثرة النهيرات الصغيره

قابيل ثانيةً يحاول قتل هابيل

فتنتفض القبيلة والعشيره

والنمل يخرج من مغارات الجبال مهاجراً

يعلو.. ويهبط في النتوءات الخطيره

وحدي.. أصد الليل

يُفلت من يدي, ويطل منه الوحش

تزحمني, الأعاصير. المغيره

قابيل ما هشَّت لك الأبوابُ

ما ضحكت لمقدمك المماشي

والممراتُ المضيئه

بيني.. وبينك عالم الظلمات

سبعة أبحر سود ودورات الفصولْ

هدأت طبول الغاب لكنْ في دمي صخب الطبولْ

غاصت عيوني في مغارات الضباب

تغربل الدنيا, وترصد في البعيد مصادم الأشياء..

عند مخاضها.. ومغارب الأضواء في ثبج الأصيل

قابيل ثانية يحاول قتل هابيلٍ..

وقد غنى له الشعراء في عرس الضحايا

أشعل حرائقك اللعينةَ

فالرياح تمد ألسُنها

تسافر باللظى المجنون

تلتهم الضحايا

صدئت هنا الكلمات..

زَيْفٌ أيها الشعراء أضرحةُ العبارات الخُواء

السيل جاء

الموت جاء

هدرت مواويل البحار الهُوج

تقتلع النبات الرخو.. تلتهم الغثاء

يا أيها الموتى زجاج الموت أعينكم

ترى شبح الفناء

فتحتفي بالقادمين على توابيت الدماء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق