في كلمات صادرة من قلب محب للسودان والسودانيين ألقت هذا النص اﻷدبي الجميل من تأليفها اﻷستاذة الدكتورة ثريا شرف*، وكان ذلك فى تجمع رائع ضم عددا من أعضاء النادي العربي بالخرطوم فى سنوات الستينات والسبعينات استضافهم فى كرم حاتمي رجل اﻷعمال السيد عباس اﻷعصر وأسرته يوم الجمعة:
( إلى الخرطوم معشوقتى )
اعتدت الجلوس فى هذا المتنزه اﻹستوائى الساحر..
بأشجاره الوارفة ووروده العطرية على ضفاف نيلنا المتدفق الزاخر..
فهو نقطة التقاء الشتيتين فى نهاية رحلة هذين النهرين..
النيل اﻷبيض والنيل اﻷزرق وهما من منابعهما قادمين..
إنه المقرن.. في الخرطوم الحبيبة..
هذه المدينة اﻵسرة العجيبة..
التى احتضنتني بحب لسنوات عديدة..
وشهدت الكثير من ذكرياتي المبكرة السعيدة..
لقد تركت فيها جزءا من قلبي..
عساه يلتقي يوما مع روحي التائهة الشريدة..
مثلما التقى هذان الشتيتان بعد طول فراق..
فكم راقبتهما بشوق فى لحظة العناق..
فيا له من قران أسطوري.. عينى له تشتاق..
فهذه المدينة الطيبة الودودة محفورة بداخلي..
وﻵخر يوم في عمري..
فقد تركت فيك يامعشوقتي.. بيتي.. وحديقتي..
ومدرستي.. وجامعتي..
بل وجزيرتي.. جزيرة توتي..
نعم.. وأسعد أيام حياتي..
كل هذه اﻷشياء استولت علي..
وستظل كذلك حتى مماتي..!!
فلن أنسى ما حييت تلك اﻷماكن الطيبة الحبيبة..
وﻻ مجالس "الونسة" العشرية القريبة..
أنت كنز ذاكرتي.. وذخيرة نفسي..
فمتى وكيف أيتها الكريمة السخية سأرد لك الدين؟!..
لست أدري؟!..
ولكنك يا معشوقتي ستظلي دوما في القلب..
وفي العقل..
وفي العين..
--------
* أ.د. ثريا شرف:
* أستاذ بمعهد الكبد القومي - جامعة المنوفية
* عاشت فى السودان برفقة أسرتها من 1966 : 1972
* درست فى مدارس اﻹتحاد العليا للبنات Unity High School for Girls ثم فى الكلية القبطية للبنات وكانت اﻷولى فى شهادة الثانوية العامة.
* درست فى كلية الطب بجامعة الخرطوم ثم أكملت جزءا من دراستها فى كلية طب القصر العيني، ثم فى كلية الطب - جامعة اﻹسكندرية.
* والدها هو المرحوم اﻷستاذ الدكتورعبد العزيز شرف أستاذ الجغرافيا بجامعة الخرطوم.
* ووالدتها - بارك الله صحتها - هى السيدة إيريس شرف "إنجليزية" وهي كاتبة وشاعرة كانت تعمل فى المفوضية العليا ﻹغاثة اللاجئين بالخرطوم ثم عملت فى منظمة الصحة العالمية بالإسكندرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق