لم تكن سواكن مدينة عادية تندثر فيندثر ذكرها، تطمر فيطويها النسيان، افتقدها كل من مر بها، ونشأ فيها، وسمع عنها، فكم من قصيدة كتبت عن سواكن ومجدها، وكم من شاعر افتقدها وبكى عليها:
يقول الشاعر اليوناني أندرية فورياديس:
لو كان عندي يا سواكن سحر سليمان
أو كنت نبيا أو ساحرا ينطق الأحجار
لأنطقت فيك الصمت ونفضت عنك الغبار
إنني رجل مغترب أرى فيك غربة التاريخ
إنني أرى نقوشا قديمة تربطني بك
إنني لا أبكيك
ولا أبكي الأكربول أو معبد (دلف)
لكنني أذكر التأريخ
أرى بلقيس تطوف في حبات الرمل
هل يا ترى سألت نفسها عن سليمان؟!
أم الجن وعرائسه تمنعها من ذلك؟!
لقد نسيت ذلك السؤال
ويبقى التأريخ
إنه حفنة من رماد
إنه حفنة من رماد
وإن الحياة أعظم من التأريخ
سواكن الباكية
الأستاذ إبراهيم أحمد شلية
أسـألت باكية الزمان زمانها
ماذا رأى في أمسها من شأنها؟!
ماذا رأى في أمسها من شأنها؟!
أقرأت في قلب الجزيرة آيـة
كتبت بمـاء العز في جثمانها؟!
كتبت بمـاء العز في جثمانها؟!
هلا سمعت حديث قصر راكع
أو سـاجد يحكيك عن أحزانها؟!
أو سـاجد يحكيك عن أحزانها؟!
حقا سـواكن كنت أنت جميلة
كوسـام مجد خط في سودانها
كوسـام مجد خط في سودانها
ولمن رآها زهـرة فواحـة
فياضـة بالحسـن في ريعانها
فياضـة بالحسـن في ريعانها
هي مرتع الآباء مهد صباهمو
وكم انطوى الأبناء في أحضانها
وكم انطوى الأبناء في أحضانها
واليوم لهفي يا سواكن لا أرى
غـير التي تلتف في أكـفانها
غـير التي تلتف في أكـفانها
والموج حــولك نادب فكأنه
دمع الحـزينة فاض من أجفانها
دمع الحـزينة فاض من أجفانها
البوم ينعق في ذرا جـدرانها
فيبث فيها الرعـب بعد أمـانها
فكذا علمت الدهـر ظلا زائلا
بزواله غـطى على عمـرانها
بزواله غـطى على عمـرانها
ذكرى سواكن
الأستاذ مبارك المغربي
هذي ســـواكن قد بدت
مثل العروس الباليه
مثل العروس الباليه
تختال في أســــمالها
أسمال ماضي واهيه
والبحر في أنحـــائها
يصغي بأذن واعيه
أسمال ماضي واهيه
والبحر في أنحـــائها
يصغي بأذن واعيه
ويضم أطراف الجـزيـ
ـرة كالرؤوم الحانيه
ـرة كالرؤوم الحانيه
يا غــادة عصـــفت بها
ريح الزمان العاتيه
ريح الزمان العاتيه
منــي إليـــك تحـية
رغم الأسى وسلاميه
رغم الأسى وسلاميه
إني وقفت عـلى البلـى
أرثي الذرى المتداعيه
أرثي الذرى المتداعيه
وأطوف بالماضي السحيـ
ـق وبالمغاني الثاويه
ـق وبالمغاني الثاويه
أرثي لعــز زائـــل
وربوع حسن خاليه
وربوع حسن خاليه
وإذا بقلــبي فجـــأة
تسطو عليه غانيه
تسطو عليه غانيه
خرجت تتيه بحســـنها
في مشية متهاديه
في مشية متهاديه
تلتف في ثوب الســوا
د نضيرة متباهيه
د نضيرة متباهيه
ناديتــــها لكنها
لم تستجب لندائيه
لم تستجب لندائيه
ومضت تشــيح بوجهها
عني وعن إعجابيه
عني وعن إعجابيه
ومضيت إثر جمــالها
إثر العيون الداعيه
إثر العيون الداعيه
يا موطن الســحر المقيـ
ـم أما شجاك غنائيه
ـم أما شجاك غنائيه
أعلـــمت أنك في دمي
رغم الديار النائيه
هل من جديد مشــرق
يحيي الرفات الفانيه
يحيي الرفات الفانيه
ويعـــيد أيام الصـبا
والفاتنات كما هيه
والفاتنات كما هيه
ويعـــيد مجدا قد يعاد
إذا العزائم ماضيه
إذا العزائم ماضيه
إن كنت تذكــر وقفتي
هذي وتذكر حاليه
هذي وتذكر حاليه
فأذكر على مر الزمــ
ـان شعور نفس وافيه
ـان شعور نفس وافيه
لــو يفتدى ذاك التر
اث فديته بحياتيه
اث فديته بحياتيه
قد شــــفني وجد بها
ولها بذلت فؤاديه
ولها بذلت فؤاديه
من قصيدة: ذكرى ســـــواكـــــــــن
للشاعر مبارك المغربي
حيِّ الطلولَ الباليهْ
واسكب دموعَك غاليهْ
وتغنّ باللحن الحزيـ
ـنِ على الديار الخاويه
هذي (سواكن) قد بدت
مثلَ العروس الباكيه
تختال في أسمالها
أسمالِ ماض واهيه
والبحر في أنحائها
يُصغي بأذْن واعيه
ويضم أطراف الجزيـ
رة كالرَّؤوم الحانيه
يا غادة عصفت بها
ريحُ الزمان العاتيه
مِنِّي إليك تحيتي
رغم الأسى وسلاميه
إني وقفت على البِلى
أرثي الذّرا المتداعيه
وأطوف بالماضي السحيـ
ـق وبالمعاني الثاويه
أرثي لعزّ زائل
وربوع حسن خاليه
وإذا بقلبي فجأة
تسطو عليه غانيه!
خرجت تتيه بحسنها
في مشية متهاديه
تلتف في ثوب السو
اد نضيرة متباهيه
ناديتُها لكنها
لم تستجب لندائيه
ومضت تشيح بوجهها
عني وعن إعجابيه
ومضيت إثر جمالها
إِثْرَ العيون الداعيه
خبَّرتُها أني فتى
عفٌّ يصوغ القافيه
شعري يزين بهاؤه
سحرَ الوجوه الباهيه
فتبسمت وتقدمت
مني بنفس راضيه
الحسن ملءُ إهابها
والوجد ملء إهابيه
وسألتها في لهفة
عما بها عما بيه؟!
فرنت وقالت: إنني
أدعى ـ فديتك ـ (آسيهْ)
قَوْمي! ومَنْ قَوْمي سوى
أهل القلوب الجافيه؟!
قد خلَّفونا ها هنا
مثل الزهور الذاويه
انظر إلى هذي الطلـ
ـول وكم بها من غانيه
ـول وكم بها من غانيه
بالأمس كانت جنة
فيها العيون الجاريه
قصيدة سواكن
الشاعر عالم عباس
صمتت
مثل انقشاع الموج عن وجنة صخره
همسةٌ
ثم حفيف ناعم يمسح الطحلب عنها
ثم حفيف ناعم يمسح الطحلب عنها
ويعرِّيها لأعراس الظهيرة
حين مالت عندها الجدران تصغي لمناجاة المياه
كان همس البحر يبدو خافتا جدا
فما اسطاعت
فما اسطاعت
تداعت وهي تصغي
عبثا تصغي لهمسات المياه
عبثا تصغي لهمسات المياه
طُفْتُ في حاراتها الملحيَّة الصخر
أناديها
أناديها
لم يجبني في أزيز الصمت من خلو المساكن
غير صوت واهن البحة في حزن مقيم
(صب دمعي وأنا قلبيَ ساكن)
(حار فراقك نار يا سواكن)
كلما أوغلْتَ في البحر
ترى المرجان سد الأفقا
كاسحا ما زال
سَدَّ البحر
سَدَّ العمق
سَدَّ البحر
سَدَّ العمق
جيشا لجبا يزحف
وجه البحر يبدو لازورديا
وصياد ينادي الموج ريثا
وصياد ينادي الموج ريثا
قبلما ترتحل الشمس وتنأى في الأصيل
وعظام نخرات وبقايا
يهبط الليل عليها
ثم تمتد ستارات الدجى الهائل
ثم تمتد ستارات الدجى الهائل
تحويها
تغطي ما تعرت في سكون أزلي
موحش الصمت مُهيل
أيها الرمل الذي انصب على جفنيَّ
والبحر استقام
كم تقوقعت سنينا في ضمير الصدف النائم
لكن الركام
جَرَّحَ اللؤلؤ في قلبي وفي جرحيَ نام
ثم صار الجسد المطمور وردًا
واستحال الورد يمشي في الزحام
غير أن الملح غطاه وغطى الورد
والدرب وفي البحر أقام
لم تكن أطلال سُعْدى تلك
لم يستوقف الباكي أحَدْ
أقفرت من أهلها الدار فما ثمة رد
لسؤالي
ربما يحمله عني الصدى
في غد أو ربما في بعد غد
كان لي في هذه الأنحاء دار
وأحباء وأهلون وجيران وقد
عصف الدهر بهم فانقرضوا
ثم قد
نلتقي يوما وقد
الجزيرة
وهي تستلقي على الأصداف والكوكيان
والشط العتيق
منسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق