الأحد، 7 يوليو 2019

الشاعر الفلسطيني هلال الفارع يكتب عن السودان والسودانيين 2

في الوقت الذي كانت فيه الخرطوم تستعد لإقامة مهرجان النيلين الثاني للشعر العربي، قام الأعداء الطامعون بعدوان على هجليج، واحتلوها، واستُشهد المئات من الجنود السودانيين الأبطال، في معارك البطولة، التي أسفرت عن تحرير هجليج..
ومع خطورة الوضع، إلا أن القيادة السودانية أصرّت على إقامة المهرجان، وعدم تأجيله، وكانت القصائد خلال تلك الأيام تواكب قبضات الجنود السودانيين النشامى على الأرض، وعلى البنادق.. فكانت هذه القصيدة.
شعــر: هــلال الفــارع


مُتَيَّمٌ أنتَ.. لا وهمٌ، ولا كذِبُ
هذا الذي تكتَوي مِنْ ذَرفِهِ الهُدُبُ

وبينَ جنبيكَ قلبٌ يصطَلي نَصَبًا
لولا تَصبُّرهُ لاغتالَهُ النَّصَـــــــــــــــــبُ

تُقارِبُ النَّومَ، والكابوسُ مُرتَقِبُ
وحولَكَ النّارُ، من أشلائِهِا تَثِبُ

كأَنَّما أنتَ مَصلوبٌ على نُصُبٍ
وليسَ تَحتَكُ إلا الجمرُ والحَطَبُ

فَنَمْ على ضَيمِكَ العالي إذا ضَمِنَتْ
عيناكَ ألا يُرى في سُهدِها سَبَبُ

وأنتَ تَدري إذا ما نِمتَ أنَّ لهمْ
غَدًا، وأنَّ كُلَّكَ أمسٌ، كُلُّهُ كَذِبُ

متيَّمٌ أنتَ.. قالوا، قولُهُمْ عتبُ
وَرُبَّ والِهَةٍ في ثُكْلِها العَتبُ

لو يسمعونَ وَجيبَ القلبِ إِنْ ذُكِرَتْ
مَلاعِبُ النيلِ لامتازوا بما عتبوا

هنا على نهنَهاتِ القلبِ أجنِحَةٌ
رفَّاتُها مِنْ جِرارِ الوجْدِ تنسكبُ

وفي رِحابِ جَلالِ النِّيلِ أُغنِيةٌ
مِنْ دَقِّ ريحَتِها الخُرطومُ تَختضِبُ

واللحنُ مُنذُ تَجلَّى مَسُّ مُبدِعِهِ
كانتْ مقاماتُهُ للنِّيلِ تنتسبُ

ولم تزلْ سُمرَةُ السُّودانِ تغزِلُهُ
وَنَوْلُها مِنْ عَلاءِ الهامِ يُحتَطَبُ

فكيفَ يجرؤُ خَوَّانٌ على وَتَرٍ
حدَّاهُ - حينَ يبوحُ - الحِلمُ والغضبُ

وإنّهُ رافِلٌ في الحِلمِ ما انكفأَتْ
أيدي العِداةِ، وما دانتْ له النُّوَبُ

وأهلُهُ لو تَضيمُ الريحُ رايَتَهُمْ
لجرَّدوا نَزَقَ الشِّريانِ واعتَصَبُوا

وأَولَمُوا غَضَبًا تكفي ذؤابتُهُ
لِتنطَفي دونَها الأنواءُ والشُّهُبُ

لا يقبلونَ لها صُلحًا، ولا دِيَةً
ولو إليهِمْ تَصَادَى النِّفطُ والذّهَبُ

أو تَكتَوي شأفةُ البغيِ التي جَرُؤَتْ
على حِمًى سَيَّجَتْهُ البِيضُ والقُضُبُ

ظنُّوا بأنّك عُفْتَ الحَربَ، واشتبَهُوا
أنْ بعدَ خمسينَ قد ينأى بكَ التعبُ

فَجَرَّبُوا حَظَّهمْ، يا تَعسهُمْ ونَسُوا
أَنَّ الخماسينَ في كفّيكَ تصطَخِبُ

سيعلَمُ الظالِمُ المأفُونُ أَيَّ ردًى
فيها، إذا ضَبَحَتْ في لُجْمِها النُّجُب

وأيَّ عاقِبَـــــــــــــــةٍ شُؤمى بِساحَتِها
وَأَيَّ مُنقَلَــــــــبٍ عَنْها سيَنقَلِـــــــــــــبُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق