الاثنين، 30 مايو 2016

نُخْبَةُ الأجْداد أو السُّودانيون - شعر: د. مجدي الحاج


أصْلٌ مِنَ الزِّنْجِ أمْ فرْعٌ مِنَ العَرَبِ
سِيَّانَ فِي مَنْبَتِ الأَصْهَارِ والنَّسَبِ

فَالأَصْلُ آدَمُ وَالأَجْدَادُ مَنْ رَكِبُوا
صَبَابَةَ الفُلْكِ فِي مَوْجٍ مِنَ الْغَضَبِ

أتيتُ للجُودِيِّ يَوْمَ الرَّوْعِ أسْألُهُ
عن سَادَةِ الأَرْضِ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ

حَامٌ وَسَامٌ وَأَجْنَادٌ لَهُمْ تَبِعُوا
لَمْ يَعْرِفُوا اليَأسَ في كَوْنٍ مِن العَطبِ

حتَّى أتيتُ إلى السُّودانِ مُمتطيًا
سرجًا منَ العِزِّ بينَ السَّادة النُّجُبِ

تلكَ البِلادُ التي أرختْ ضَفَائِرَهَا
سِتْرًا عَلى المَاءِ بيْنَ الحُزْنِ والطَّرَبِ

تُعانقُ النِّيلَ في ليلاتِها عَتَبًا
حتَّى تفيءَ بِمَا في النِّيلِ مِن عَتَبِ

تغرَّبَ الوقتُ والأيَّام تَتبعُهَا
وَشَابَتِ الأرضُ وَهْيَ البِكْرُ لَم تَشِبِ

سَلْ أرضَ مِصْرَ عَنْهَا فَهْيَ من عَرَفتْ
أنَّ الكَرامةَ فِيهَا آيةُ العَجَبِ

وَفي الفُتُوحِ حَدِيثٌ عَن مَناقِبِهَا
لمَّا تحدَّثَ عَنْهَا النَّاسُ في الْحِقَبِ

سَلْ جُنْدَ تِرْهَاقَا وَآَشُورَ التي طَلَبَتْ
سِيَادَةَ الْقُدْسِ وَالحَاخَامُ لمْ يُصِبِ

أتتهُ نَجْدَةُ جُنْدِ النِّيلِ مُسْرِعَةً
فَعادَ مُبْتَهِجًا بِالْجَحْفَلِ اللِّجِبِ

قالَ الأَغاَرِيقُ عَنْهُم إِنَّهُمْ نَفَرٌ
مِنْ زُمْرَةِ النُّورِ أوْ مِنْ زُمْرَةِ الذَّهَبِ

سُمْرُ الْوُجُوهِ وَلَكِنْ فِعْلُهُمْ ذَهَبٌ
قَدْ مَحَصُّوهُ بِمَا فِي النَّارِ مِن لَهَبِ

فَهُمُو السَّوَادُ بِعَيْنِ الْكَوْنِ مُبْصِرَةً
وَالْكُحْلُ فِيهَا بِمَاءِ الْجَفْنِ وَالْهُدُبِ

وَهُمُو اللَّذينَ بَنَوْا فِي الأَرْضِ عِزَّتَهُمْ
ثُمَّ اسْتَطَالُوا فَمَا أَبْقَوْا عَلَى شُهُبِ

تَحَدَّثَ الدَّهْرُ عَنْهُم صَادِقًا أَبَدًا
وَعَنْ سِوَاهُمْ بِمَا فِي الشَّكِّ مِن رِيَبِ

غَزَاهُمُ التُّرْكُ وَالأَلْبَانُ فَانْكَسَرُوا
وَارْتَدَّ عَنْهُمْ جُنُودُ الرُّومِ فِي تَعَبِ

سَلْ جُنْدَ غُرْدُونَ عَنْهُمْ مَا بِه فَعَلُوا
وَعَنِ الإمَامِ اللَّذي قَدْ جَاءَ مِن لَبَبِ

وَسَلِ الطَّوَابِي لَدَى امْدُرْمَانَ مَاثِلَةً
عَنْ كُلِّ فَرْدٍ رَفِيعِ الْقَدْرِ وَالرُّتَبِ

سَقَى الله عَهْدَهُمُو مِنْ كُلِّ غَادِيَةٍ
تَجْرِي الرِّيَاحُ بِها فِي حُفَّلِ السُّحُبِ

أُولَئِكَ الْقَوْمُ مَنْ شَادُوا لَنَا وَطَنًا
فَوْقَ السِّمَاكِ وَفَوْقَ الْوَصْفِ وَالْخُطَبِ

وَقَدْ بُلينَا بِعَهْدٍ لا كَعَهْدِهِمُو
خَاوِي الْوِفَاضِ وَخَاوِي الْفِكْرِ وَالأَدَبِ

مِنْ كُلِّ وَغْلٍ عَدِيمِ الأَصْلِ مُنْفَلِتٍ
أَمْسَى الْجَمِيعُ بِهِ فِي الْهَمِّ وَالْكُرَبِ

يَبِيعُ دِينًا بِدُنْيَا فَهْوَ مَنْ خَسِرَتْ
يَوْمَ الْكَرِيهَةِ مِنْهُ بَيْعَةُ السَّلَبِ

أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ ذَنْبٍ وَمَعْصِيَةٍ
ثمَّ الصَّلاةُ عَلَى الْمُخْتَارِ ذِي الْحَسَبِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق