الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

السيدة الشريفة مريم الميرغنية

السيدة الشريفة مريم الميرغنية ابنة السيد هاشم محمد الميرغني وزوجة محمد عثمان تاج السر الميرغني و شقيقة الشريفة رقية

جاء السيد هاشم بن الأستاذ محمد عثمان الميرغني الختم إلي سواكن وطلب مقابلة أحمد عاولي عمر الأرتيقى وعند مقابلته له قال له إنني حضرت لأتزوج ابنتك ولى فيها علامات، اسمها فاطمة ولها علامة تحت انفها.
جاء الأرتيقه إلي سنكات وتم زواج السيد هاشم من فاطمة بنت أحمد عاولى في نفس مكان مسجد الشريفة الحالي . حيث نحرت الذبائح وأقيمت الولائم .
أقام السيد هاشم خمسة عشر يوما أو اكثر بقليل وسافر إلى مصوع التي اتخذها مقرا له ، بعد أن أوصى قائلا إن كان المولود بنتا فسموها (مريم).
ولدت الشريفة مريم وسط أهلها الأشراف الغمريين الأرتيقه واعتنوا بها وكرموها . أما والدها السيد هاشم فقد كان حريصا على تربيتها وتعليمها فاحضر لها معلمين من جده ومكة .. وبعد أن شبت الشريفة مريم فكرت في زيارة والدها بمصوع فسافرت إلى مصوع وقضت هناك شهرين ثم رجعت عائده إلى سواكن .
وعندما بلغت سن الزواج اقترنت الشريفة مريم بالسيد محمد عثمان تاج السر (أبوزينب) الذي أنجب السيدة زينب من زوجة أخرى وتربت في كنف الشريفة مريم إلى أن تزوجها السيد جعفر بن السيد بكري فانجب منها الشريفة فاطمة زوجة السيد علي الميرغني ووالدة ابنيه السيدين محمد عثمان وأحمد الميرغني.

الشريفة السيدة مريم الميرغنية

رضي الله عنها

نسبها :
هي الشريفة الحافظة الفقيهة السيدة مريم بنت السيد هاشم بن الإمام السيد محمد عثمان الميرغني الختم شيخ الطريقة ومعدن الحقيقة .
المولد والنشأة :
ولدت رضي الله عنها بمدينة سنكات ، حفظت القران الكريم ودرست الفقه والتوحيد واللغة وغيرها من العلوم الشرعية على أيدي علماء أجلاء ، ثم نالت قسطا وافرا من الثقافة العامة ، وذلك لأنها كانت عالية الهمة كثيرة الإطلاع ، وقد جمعت مكتبة ضخمة تشهد لها بذلك .
تصوفها :
أخذت الطريقة الختمية على يد والدها السيد هاشم الميرغني رضي الله عنه ، واشتغلت بالرياضة الروحية والذكر والأوراد والتدريس وإطعام الطعام في بواكير شبابها ، فظهرت عليها لطائف النفحات وهواطل البركات وعجائب الكرامات فأحبها العام والخاص . 
دورها الديني :
إشتغلت رضي الله عنها ببناء المساجد وخلاوى تحفيظ القران الكريم الخاصة بالنساء ، حيث أسست مسجدا بمدينة جبيت وثانيا بمدينة طوكر وثالثا بمحطة السلوم ورابعا ببلدة تهاميم وخامسا بمدينة سنكات وهو المسجد التي دفنت فيه ، كما قامت يتأسيس خلوة نساء ملحقة بكل مسجد من المساجد التي ذكرناها بالإضافة إلى خلوتين أخريين بمدينة سنكات وأخرى بمدينة سواكن ، وذلك امتدادا لما خطه جدها الإمام الختم رضي الله عنه الذي أسس أول معهد لتعليم النساء العلوم الدينية بمدينة سواكن سنة 1360 هجرية كان الأول من نوعه في السودان ، وقد أشار إلى ذلك في مذكراته الشيخ بابكر بدرى رائد تعليم المراة في العصر الحديث ، فكان من بركات ذلك أن انتشر العلم وحفظ القران الكريم بين نساء شرق السودان إلى يومنا هذا ، وكل ذلك كان بفضل هذه السيدة البرة التقية ، فجزاها الله خيرا عن الإسلام والمسلمين واجزل لها العطاء والمثوبة .
دورها الاجتماعي : 
بالإضافة إلى ما ذكرنا فقد اهتمت رضي الله عنها بقطاع الفقراء والمساكين اهتماما منقطع النظير ، حيث قامت بإنشاء تكية لإطعام الطعام بجوار كل مسجد وزاوية وخلوة تخصها في وقت كان الفقر والعوز منتشرا في تلك المناطق ، هذا بالإضافة إلى قضاء حوائج الناس حتى سميت رضي الله عنها بلغة أهل الشرق ( باقد بسيت ) اي السيدة التي لا ترد أحدا .
كما يحفظ التاريخ للسيدة مريم رضي الله عنها أنها شجعت التعليم المدني ، حيث ساعدت الجهات العاملة في هذا المجال إلى أقصى مدى ممكن لاسيما جانب تعليم المرأة ، وقد شهد لها بذلك البروفسير الأمريكي جون فول حيث قال في رسالته لنيل درجة الدكتوراه : ( وجد تعليم البنات في شرق السودان تأييدا حارا من الشريفة مريم ) .
كذلك أقنعت أهل الشرق بمسالة إرسال بناتهن إلى مدرسة القابلات ، ومعروف أن أهل الشرق لديهم موقف متشدد في تلك الفترة تجاه تعليم المراة وعملها ، ولكن توجيهات الشريفة كانت عندهم بمثابة التعليمات .
دورها السياسي : 
أما عن دورها السياسي فهذا مما لا يمكن تفصيله ، ويمكن أن نجمل ذلك في وقوفها الصلب مع مولانا السيد على الميرغني رضي الله عنه ومؤتمر الخريجين والحركة الوطنية والاتحادية بصفة عامة .
وفاتها :
هذا وبعد حياة مباركة وحافلة بالعطاء توفيت الشريفة السيدة مريم رضي الله عنها إلى رحمة مولاها بعد عودتها من مصر سنة 1371 هجرية الموافق 1952 ميلادية ودفنت بسنكات بجوار مسجدها ومسيدها العامر في جنازة لم يشهد الشرق لها مثيلا ، وقيل في رثائها القصائد الكثيرة وتأسف الناس على وفاتها في مشارق الأرض ومغاربها .

اعتقلت سلطات المهدية الشريفة مريم مع من اعتقلت من المراغنة ولما علم الأمير دقنة بالأمر تحرك مسرعا إليها لمكانتها في نفوس أهل الشرق وعمل على فكها من الاعتقال التحفظي وبعث بها إلى ديارها في سواكن عزيزة مكرمة بمعية كل حشمها وتابعيها . 
وضمت الشريفة مريم أبناء محمد عثمان بن السيد جعفر بن السيد بكري الثلاثة، محمد سر الختم وهاشم ومريم المشهورة ب (باقدبسيت) إليها في سنكات . تزوج السيد محمد عثمان بن السيد علي الميرغني من الشريفة مريم (باقدبسيت) وتزوج السيد محمد سرالختم من الشريفة رقيه ، وتزوج السـيد هاشم من كريمة الشريف طـه محمد سـعد.
بعد انتهاء فترة المهدية ورجوع الحكم البريطاني شاركت الشريفة مريم في الحياة العامة من خلال موقعها الاجتماعي فناهضت قيام الجمعية التشريعية وعملت على دعم الفصائل الحركة الوطنية في منطقة البحر الأحمر مما أدى إلى التفاف كافة المواطنين حولها . وكان سائقو القطارات يطلقون صفارة معينة عند مرورهم بدارها الكريمة في سنكات كإشارة لالتزامهم المبدئي الثابت بروح المقاومة الشعبية التي عمقتها في نفوسهم وهي ترفض التكريم البريطاني بعرض رتبة (ليدي) عليها وبالرغم من الضغوط التي تعرضت لها بقيت على موقفها الرافض للاستعمار البريطاني .

سافرت الشريفة مريم إلى مكة المكرمة ومرضت هناك فعادت إلى سنكات حيث علم السيد على الميرغني بمرضها فاتصل بالسلطات الإنجليزية الحاكمة آنذاك لتوفير طبيب معالج للشريفة ، غير أن الإنجليز لم يهتموا بالأمر ، مما دعى السيد على الميرغني الاتصال بالحكومة المصرية لعلاج الشريفة فأرسلت الحكومة المصرية طائرة خاصة بها طاقم طبي إلى سنكات .وبعد عمل التحليلات الطبية، اللازمة رأى الطاقم الطبي المرافق للطائرة عدم إمكانية علاج الشريفة بسنكات ، مما استدعى نقلها إلى مصر لتلقي العلاج هناك ، وكان ذلك في منتصف عام 1951م . اصطحبت الشريفة معها في سفرتها هذه السادة أحمد عاولى وهاشم محمد سعد وآخرين . كما أمرت السيد طه محمد سعد وسكرتيرها الخاص رحمة الله أن يلحقا بها برا عن طريق ميناء حلفا.
وصلت الشريفة لمصر وفور وصولها أدخلت مستشفى (المواساة) الذي كان معدا لاستقبالها ، وعلى أثر وصولها لمصر عمل حزب الوفد بقيادة النحاس باشا على تكريمها وتأكيد تقدير شعب مصر لدورها الوطني .. وقد كان أول من قام بزيارتها هو النحاس باشا، كما قامت الملكة ناريمان صادق زوجة الملك فاروق مع والدتها أصيلة هانم بزيارتها وظلت الإذاعة المصرية تبث يوميا الأخبار المتعلقة بصحتها وأخبار زوارها بعد نشرات الأخبار. وفي نهاية 1951م عادت الشريفة إلى السودان لتلحق برحاب ربها بعد أشهر قليلة وتدفن في البلدة التي شهدت مراسيم عقد قران والدها السيد هاشم الميرغني بوالدتها السيدة فاطمة بنت أحمد عاولي . وكانت أختها الشريفة علوية توفيت قبلها بعشرة سنوات أي في العام 1360هـ / 1940م.

هناك 3 تعليقات: