الجمعة، 3 أغسطس 2012

تبكي وأبكي - للشاعر السوداني حسن إبراهيم حسن الأفندي


ذكر الشاعر أن هذه القصيدة قيلت في مطرب سوداني جميل ومعروف، بكى لما تغنى له عدة مطربين جدد بإحدى قصائده، وهذا نصها :


أعد ومن ذكريات الأمس ما غربا
وما تولّى مضى يا سيدي طربا

ومن لياليك ما طابت بشائره
والسعد حفَّ مع الأحلام وانسحبا

إن تدمعنَّ فإني دامع ثمل
أسابق الحزن والآهات منتحبا

ولّى الشباب فعودي بعده يبس
وانتابني من شعور مفعم لهبا

تبكي وأبكي فما نلناه من أمل
ولا الشباب يعود اليوم مقتربا

تبكي وأبكي فما الأيام ترحمنا
ولا تجيب من الغايات ما عَذُبا

ولا تفيد دموع إذ تعاودنا
ولا العواطف إن طارت بنا خببا

"لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من" لها اقتربا

نمضي إلى قدر ما كان أصعبه
طوعا وكرها ولا ندري له سببا

نفسي تراودني يوما وتزحمني
بالأمنيات وحالي زادني رهبا

فلا الشباب يعود العود ثانية
ولا الليالي بما قد كان ملتهبا

سبعون أفضت إلى علم ومعرفة
والشيب والضعف لا ينفك مصطحبا

فلا بلغنا لشام الخير من عنب
ولا لقينا بصنعا تمرها الرَطِبا

بعنا شبابا لنا ما كان أرخصه
ولا اشترينا به من نعمة أربا

هي المراحل نمشيها طواعية
أو إن كرهنا له ما كان مُرْتَقبا

كل المناهل ما عادت لتعرفنا
ولا محونا بها من علة وصبا

يا دار ميّة هل ذِكْرٌ لمن رحلوا
وهل تعيدين بعد البين ما ذهبا؟!

وهل تبيحين لي من حب فاتنة
إكسير حب لنا لا شك قد نضبا؟!

لولا الأماني ولولا كان من أمل
قضى ابن آدم من عيش له تعبا

لو كنت من صخرة صماء جامدة
فما بلغت كذا رشدا ولا عتبا

أو كنت من ذرة للماء يحملها
موج يهادن أو ما عايش الغضبا

أبكيتني وبكائي لا أقاومه
من كان مثلي براه الهم واصطحبا

تبكي فتجري دموعي مثل هاطلة
وطفاء تجعل مني القلب مستلبا

دنيا وما هي إلا الجسر نعبره
إلى قيام به ما كان مُرتعبا

فكيف نقتل بعضا دونما سبب
وكيف نجري لحكم زائف طلبا

ولا ملكنا لأمر من مقاصدنا
ولا رأيت سوى في عمرنا عجبا

أمورنا هي للرحمن راجعة
فاصرف لفكر يوالي طالما رسبا

هل من يعيش بلا موت يغيبه
إلاه إبليس في شر لنا نصبا

نقاوم الشر ما دمنا نغالبه
إن القوي لشر المكر كم غلبا

فما رأيت كما الإحسان منزلة
وقد علمت بزهد العارفين رَبَا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق