الثلاثاء، 31 يوليو 2012

غفوةٌ بينَ حلمين - للشاعر السوداني الشاب الصديق عمار المعتصم

الشاعر عمار المعتصم

من قولِ كن كانَ القصيدْ...
ومضى يشقُّ طريقه في الآه مكفوفا سعيدْ...
ما كانَ يعلمُ أن عينا من وراءِ الوقتِ
تحرسُ ظلَّهُ
وتقودهُ نحوَ اكتشافِ النورِ
في الليلِ البعيدْ...
من قولِ كن
ذابَ الحديدْ...
وغدى رذاذُ الماءِ أشبهَ بالجليدْ...
من قولِ كن كنـا
وما زلنا نحاولُ أن نغادرَ ذكرياتِ الشرنقهْ...
وهواجسٌ في الروحِ تسحبُنا إلى التيارِ
تسحبُنا إلى التيارِ
ترفعُنا لحبلِ المشنقهْ...
ويدٌ تلوِّحُ في مدى التاريخِ
أنْ يا أيها الشعراءُ
قد حانَ الفِراقْ...
لكمُ النزيفُ على امتدادِ الحبرِ في أرواحكم
وليَ العناقْ...
بابي يحدِّقُ خارجَ الأسوارِ
يسمعُ نبضَ قنبلةٍ تنامُ على شهيدْ...
ونوافذي طلّت على المجهولِ تكشفُ ستره
وتظل تفعلُ ما تريدْ...
ياليت من وقفوا على الطابورِ أقلقهم نحيبُ النائمينَ
على مصائبهم
ولم يتكلموا
ياليتهم حزنوا قليلا
حينما اضطجعَ الرفاتُ على ذراعِ المِحرقهْ...
وتأهبوا للموتِ قبلَ أوانهِ
فالموتُ لا يهبُ الخلودَ ليسرقهْ...


من قولِ كن
سمِعَت قلوبُ الناسِ زقزقةً
لطيرٍ مـا على كتِفِ البراقْ...
طيرٌ يُزقزقُ دون منقارٍ
ولكنَّ الغناء لهُ مذاقْ...
شتان بين سحابتين شقيتينِ
تمرَّدت إحداهما في يوم عاصفةٍ
لتهطلَ في الصعيدْ...
وسحابةٌ ظلَّت تؤانسُ حزن من ناموا
بساحةِ ظلِّها الرَّطِبِ الرَّغيدْ...
إنِّي لأسمعُ صوتَ فرعونٍ غريقٍ
قال: آمنتُ
استجبتُ
خسئتُ
ردُّوني لأمنحكم ثقهْ...
وهو الذي سلبت يداهُ حياتهُ
وتجرَّعَ البحرَ الكبيرَ
بملعقهْ...


من قولِ كن
آمنتُ أنَّ الليلَ أجبنُ من مشى في الأرضِ
دونَ مضايقات
وهوَ الذي يمشي وراء الشمسِ منكسرا
ليرقصَ كالفتاةْ...
آمنتُ أن البحرَ ملحٌ
أن لونَ الماء يلبسُهُ العراةْ...


وأنا لبستُ الصمتَ
فانفجرَ الكلام قنابلا
وهوت فراشاتُ الحكاية للجحيمْ...
أمشي وأُشفقُ أن أدوسَ الأرض
أضحكُ ضحكةَ الفرحِ الأليمْ...
فهناك من لا يعرفون الحب
من لا يعرفون الصبرَ
من لا يعرفونَ السيرَ في نبض الصراط المستقيمْ...
تبـا لمن سرقَ الضياءَ من الشموس المشرقهْ...
وسرى دخانا في رئاتِ الطيبينَ
وكلُّ شيءٍ صدَّقـهْ...
تبـا لنهرٍ فاترِ الخطواتِ يسحقُنا
فنصمتُ
ريثما يصحو الزمانُ
ليسحقهْ...
من قولِ كن
تتوضأُ الكلمات من سُحُب الرِّضى
وتتيهُ في نارِ المدى المتدفقـهْ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق