الدرويش السوداني الشهير في بريطانيا
مصطفى أو جيمي في القاهرة بعد أن عادت القوات البريطانية إلى مصر
مع الضابط الإنجليزي الذي تبناه فرانسيس دورم
في شبابه القصير بعد أن صار ضابطا في الجيش البريطاني، الصورة في مدينة كورك الإيرلندية
جنازته العسكرية في مقاطعة فرموي بعد وفاته بسبب التهاب رئوي - إيرلندا في 1910م
ابنته الوحيدة فرانسيس، نتاج زواجه القصير من جين قرين، توفيت في العام 1998م في أحد دور الرعاية للمسنين في إنجلترا، لم تتزوج و لم يكن لها ذرية
بقلم
: يحيى العوض
نقلا
عن موقع الصحفي ماضي أبو العزائم
كرمني الزملاء في رابطة الإعلاميين الإستقصائيين
السودانيين باستجابتهم لمشروع توثيق تجارب الهجرة واللجوء والإغتراب لأجيال من أهل
السودان، وبدأنا فى إعداد الدراسات والإستبيانات لإنجازه وكان أول الغيث دراسة
أعدتها الرابطة عن أول أسير سوداني نقل إلى بريطانيا عام 1886م فى سابقة هي الأولى
من نوعها.
وقام الزملاء الأعزاء بزيارة جامعة دارم البريطانية
حيث يوجد أهم مركز للوثائق السودانية، وقابلوا الآنسة جين المشرفة على القسم، ووقفوا
على الوثائق والصور الخاصة بهذه الواقعة التاريخية بمفاجآتها المدهشة.
المعروف
فى تاريخ السودان أنه عندما بدأ الإمام محمد أحمد المهدي حصار الخرطوم وسقوطها فى
26 يناير عام 1885م، أرسلت قوة عسكرية لإنقاذ حاكم عام السودان الجنرال تشارلس
غوردون وتحركت القوة من مصر متجهة إلى الخرطوم ولكن وهي فى طريقها أمرت بالرجوع بعد
دخول قوات المهدي سراي الحاكم العام واغتيال غوردون، وبالفعل أخذت القوة في
التقهقر في طريق العودة إلى مصر ووقعت بينها وبين قوات المهدي المنبثة فى الشمال
عدة مناوشات، وعند منطقة عبري تقرر تجميع القوات للإستراحة، وأقيم المعسكر بالقرب
من حلة "سيد أفندي" وأثناء إعداد المخيم تلقت الفرقة معلومات عن قارب
شراعي ضخم محمل بعتاد عسكري ومؤنة لجيش المهدية ويحرسه عدد من المجاهدين الدراويش.
وقرر الجنرال ويلزي إرسال مجموعة لمهاجمة القارب
مكونة من عشرين جنديا من الخيالة وخمسة وعشرين جنديا من كتيبة درام للمشاة والتي
سميت باسم المدينة التى تقع شمال شرق بريطانيا، إضافة إلى مجموعة من جنود الهجانة
المصرية.
وقطعت
المجموعة ما يقارب 35 ميلا جنوبا، ولم تعثر على القارب، وقررت مجموعتان إلغاء
المهمة والعودة إلى المعسكر، بينما أصرت مجموعة مشاة درام على إكمال مطاردة القارب،
وبالفعل وبعد فترة وجيزة شوهد القارب قادما باتجاههم وكان الوقت ليلا والظلام يلف
المنطقة، وأطلقوا نيرانا كثيفة تجاه القارب الذي أصيب واشتعلت فيه النيران وقفز
معظم ركابه واختفوا وسط أشجار الشاطئ.
وتقدم الجنود إلى القارب وبين الأشلاء والحريق وجدوا رجلا طاعنا في السن مصابا في
ساقه وقد نزف كثيرا وهو في حالة احتضار وإلى جواره طفل صغير يقارب السنة الثانية
من عمره، يلبس جبة الدراويش المرقعة والمفصلة خصيصا له، وكان ملطخا بالدماء التى
تطايرت من أشلاء الضحايا.
وعندما
رآهم (وفقا للنصوص الموجودة في المركز والتي تتضمن يوميات القوة ومذكرات الجنرال
آرثر) وقف منتصبا بجوار الشيخ المسن المصاب، موجها كلتا يديه الصغيرتين، مشيرا بسبابتي
كفيه نحو الجنود وهو يصيح محاكيا صوت الطلق الناري: بوم... بوم... بوم ... موتوا... موتو ا...
وأثار
المشهد دهشة وإعجاب وإشفاق الجنود، وبعد تفتيش القارب وتمشيطهم للمنطقة المحيطة به
تقرر رجوعهم إلى كتيبتهم، وأخبرهم الرجل الجريح أن الطفل اسمه مصطفى وهو ابن لأحد
شيوخ بربر من مجاهدي المهدية، وقد قتل بالرصاص عند مهاجمة القارب، وإن والدته
وشقيقه، كانا فى القارب وتمكنا من الفرار.
وبعد
هذه المعلومات بوقت قليل توفي الرجل المسن.
عندئذ
قرر جنود كتيبة درام، أخذ الطفل معهم إلى معسكرهم، كأسير حرب.
وقدموه
إلى النقيب الأسكوتلندي استيوارت قائد كتيبة مشاة درام فأسماه جيمى الدرويش، ووصلت أنباء إلى الفرقة بأن
قوات من الدراويش تتكون من ألفي جندي فى طريقها إليهم فصدرت الأوامر بإخلاء الموقع
ومواصلة السير تجاه مصر.
وأحب
الجنود الطفل مصطفى لكنهم فضلوا مناداته بالإسم الجديد جيمي الدرويش.
وصنع
له النقيب استيوارت بردعة على مقاسه ثبتها أمام سرج حصانه.
ولقي
الدرويش الصغير عناية واهتمام الجنود وأخذوا يلقنونه كلمات بالإنجليزية.
وبعد
وصول الفرقة إلى مصر قدم النقيب استيورت الطفل إلى قادة القوات البريطانية الجنرال
بتلر وبيكر باشا.
وبعد
فترة تقرر سفر كتيبة مشاة درام إلى الهند على أن يلحق الطفل بإحدى المدارس
التبشيرية أو دار لرعاية الأيتام فى مصر، إلا أن الكابتن استيورت كان أكثر تعلقا
بالطفل وكذلك أفراد كتيبته، فكتبوا رسالة استرحام إلى قيادة القوات البريطانية للسماح
لهم بأخذه معهم، وتعهدوا باقتطاع جزء من معاشهم التقاعدي ورواتبهم الشهرية مدى
الحياة لتربية وتعليم الطفل.
وتجاوبت
معهم كتائب أخرى مغادرة معهم إلى الهند، تبرعت بمبلغ روبية من مرتباتهم لتوضع فى
حساب خاص باسم الطفل والذي تعدل اسمه مرة أخرى ليصبح، جيمس فرانسيس درام تيمنا بالمدينة
التي قدمت منها الكتيبة التى انتمى إليها.
وتسابق الضباط والجنود لخدمة الطفل، اللفتنانت
جيمي بيرلي يتولى إعداد الحمام الصباحي للطفل والإعتناء بملابس، كما تبرع آخر
بقراءة قصص ما قبل النوم، ووافقت قيادة الجيش بمرافقة الطفل للكتيبة في رحلتها إلى
الهند عام 1887م حيث التحق هناك بالمدرسة الخاصة بأبناء العسكريين.
اهتمت
الصحف البريطانية بقصة الطفل السوداني وطغت على فشل حملة إنقاذ الجنرال غوردون.
ومن
الهند انتقلت الفرقة ومعها طفلها إلى بورما، حتى بلغ الرابعة عشرة من عمره، ودخل
تاريخ الجيش البريطاني، عندما تقرر إدخاله في الخدمة العسكرية، وكانت القوانين لا تسمح
في ذلك الوقت بالتحاق السود بكل مخصصات الخدمة ومساواتهم بأقرانهم من البيض.
ونشطت
حملة داخل الجيش وبمساندة الصحف، لاستثناء الدرويش الصغير واتخذت قيادة الجيش البريطاني
فى بورما خطوة جريئة أثارت جدلا واسعا، لقرارها باستيعابه بكامل شروط الخدمة
العسكرية ومخصصاتها، وكان ذلك خرقا لقوانين الجيش الصارمة، وكانت الملكة فكتوريا
من المعجبين والمتابعين لقصة الدرويش الصغير وتدخلت لمنحه استثناءا تاريخيا وصدر
فى يوليو 1899م، قرار خاص من قيادة الجيش البريطاني ليصبح مصطفى، الدرويش
الصغير أول أسود يلتحق رسميا بالخدمة العسكرية البريطانية وأول جندي أسود فى تاريخ
الجيش البريطاني ينضم إلى الخدمة الكاملة ويحمل الرقم 6758.
وبعد
بورما تنقل فى أنحاء عديدة فى خدمة الإمبراطورية البريطانية.
وسجل
فى ملف خدمته بأنه كان عسكريا ورياضيا ومن المتميزين جدا.
وفي
عام 1902م عاد إلى مدينة درام واسقبل استقبالا حافلا من سكان المدينة.
وتزوج
فى عام 1908م من جين جرين شقيقة نقيب فى الجيش فى قاعدة بيوشوب بأوكلاند.
وبعد
فترة نقل إلى منطقة كورك بإيرلندا الشمالية، ونتيجة للطقس البارد هناك أصيب
بالتهاب رئوي حاد وتوفي وعمره لم يتجاوز السابعة والعشرين، وشيع فى جنازة عسكرية.
وبعد
ثلاثة أسابيع من رحيله أنجبت زوجته ابنته الوحيدة فرانسيس وعاشت في بيشوب أوكلاند
حتى وفاتها عام 1998م.
وخصصت
مدينة دارم بقاعة بلديتها معرضا يروى قصة حياته.
(أمدتني رابطة الإعلاميين
الإستقصائيين السودانيين بمجموعة من الصور من بينها صورة له مع الجنرال وينزلي وهو
فى الثانية من عمره ومع الجنرال ستيورت فى مصر، وصورة بالزي العسكري بعد التحاقه
بالجيش وأخرى لمراسم تشييع جنازته وصورة لابنته فرانسيس).
Here,
Jimmy is pictured at Aldershot in 1904 with the regimental mascot, a
sheep, 'Robert Canning', or Billy as he was generally known. The sheep
was acquired on board the Royal Indian Marine Ship 'Canning' when the
2nd Battalion was travelling from Mandalay, Burma, to Wellington, India
in December 1900.
Jimmy
came to Newcastle with the 2nd Battalion Band in July 1908, and made
contact with his 'sister' Stella Robson, daughter of Colour Sergeant,
later Major, Robson who helped to bring him up as a boy. He looks very
smart in his civilian clothes, asking Stella 'What do you think of the
masta, does he look all right'? He is planning to visit her and 'their'
father, remarking, 'Roll on the 29th'.
In another photograph taken at the Corunna Barracks, Aldershot, in 1904, Jimmy is pictured with the rest of the Band.
This
photograph of The Band of the 2nd Battalion The Durham Light Infantry
was taken in India, at Poona, in March 1897. Jimmy would have been about
12 years old at the time and had not yet enlisted into the Army.